للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال الأزهري: الإيلاف: شبه الإجارة بالخفارة، يقال: آلف يؤلف: إذا أجار الحمائل بالخفارة، والحمائل: جمع حمولة.

قال: والتأويل: أن قريشاً كانوا سكان الحرم، ولم يكن لهم زرع ولا ضرع، وكانوا يميرون في الشتاء، والصيف آمنين، والناس يتخطَّفُون من حولهم، فكانوا إذا عرض لهم عارض قالوا: نحن أهل حرم الله، فلا يتعرض الناس لهم، وكانت إحدى الرحلتين إلى اليمن في الشتاء، لأنها بلاد حامية، والرحلة الأخرى في الصيف إلى «الشام» ؛ لأنها بلاد باردة.

وعن ابن عباس، قال: يشتون ب «مكة» لدفئها، ويصيفون ب «الطائف» لهوائها، وهذه من أجل النعم أن يكون للقوم ناحية حر تدفع عنهم برد الشتاء، وناحية برد تدفع عنهم حر الصيف، فذكرهم الله تعالى هذه النعمة. .

فصل في الشتاء والصيف

قال مالك: الشتاء نصف السُّنة، والصيف نصفها.

وقال قوم آخرون: الزمان أربعة أقسام: شتاء، وربيع، وصيف، وخريف.

وقيل: شتاء، وصيف، وقيظ، وخريف.

قال القرطبيُّ: والذي قال مالك أصح؛ لأن اللهَّ قسم الزمان قسمين، ولم يجعل لهما ثالثاً.

قوله: {فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت} ، أمرهم تعالى بعبادته، وتوحيده لأجل إيلافهم رحلتين، وتقدم الكلام على الفاء، والبيت هو الكعبة، وفي تعريف نفسه بأنه تعالى رب هذا البيت وجهان:

أحدهما: أنها كانت لهم أوثان، فميز نفسه تعالى عنها.

الثاني: لأنهم شُرِّفوا بالبيت على سائر العرب، فذكر لهم ذلك تذكيراً لنعمته. وقيل: المعنى: أن يعبدوا رب هذا البيت، أي ليألفوا عبادة رب هذا البيت كما كانا يألفون الرحلتين.

{الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ} ، أي: من أجل الجوع، و «آمنهم» من أجل الخوف، والتنكير للتعظيم أي: من جوع عظيم وخوف عظيم.

وقال أبو البقاء: ويجوز أن يكون في موضع الحال من مفعول «أطْعَمَهُمْ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>