وأخفى نون «من» في الخاء: نافع في رواية، وكذلك مع العين، نحو:«من على» ، وهي لغة حكاها سيبويه.
فصل في مكانة قريش
قال ابنُ عبَّاسٍ: وذلك بدعوة إبراهيم - عليه السلام - حيث قال:{رَبِّ اجعل هذا بَلَداً آمِناً وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات}[البقرة: ١٢٦] .
وقال ابن زيد: كانت العرب يغيرُ بعضهاعلى بعض ويسبي بعضها من بعض، فأمنت قريش من ذلك لمكان الحرم.
وقيل: شق عليهم السَّفر في الشتاء والصيف، فألقى الله - تعالى - في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم طعاماً في السَّفر، فخافت قريش منهم وظنُّوا أنهم خرجوا لحربهم، فخرجوا إليهم متحرزين، فإذا هم قد جلبوا لهم الطعام، وأعانوهم بالأقوات، فكان أهلُ «مكة» يخرجون إلى «جدة» بالإبل والحمر فيشترون الطعام على مسيرة ليلتين.
وقيل: إن قريشاً لما كذبوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دعا عليهم، فقال:«اللَّهُم اجْعلهَا عَليهِمْ سِنيْنَ كَسني يُوسُفَ» فاشتد القحط، فقالوا: يا محمد، ادعُ الله لنا فإنا مؤمنون، فدعا لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأخصبت «تبالة» ، و «جرش» من بلاد «اليمن» ، فحملوا الطعام إلى «مكة» ، وأخصب أهلها
. وقال الضحاك وربيع وشريك وسفيان: وآمنهم من خوف الحبشة مع الفيل.
وقال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: وآمنهم من أن تكون الخلافة إلا فيهم.
وقيل: كفاهم أخذ الإيلاف من الملوك.
روى الثعلبي عن أبيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ قَرَأ سُورَة {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ} أعطِيَ من الأجْرِ حَسناتٍ بعَددِ مَنْ طَافَ بالكَعْبَةِ، واعْتكَفَ بِهَا» والله أعلم.