للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الله} : اختلفُوا في مَحَلِّ: «ذَلِكَ» من الإعراب فقيل: رفعٌ، وقيل: نَسْبٌ والقائلُونَ بأنَّه رفْعٌ، اختلفوا على ثلاثة أقْوَال.

أحدها: أَنَّهُ فاعلٌ بفعلٍ محذوف، أي: وجب لَهُمْ ذلك.

الثاني: أن «ذَلِكَ» مبتدأٌ، و «بِأَنَّ اللهَ» خبره، أي: ذلك العذابُ مستحقٌّ بما أنزل الله في القرآن من استحقاق عَذَاب الكَافِرِ.

والثالث: أنَّهُ خَبَرٌ، والمبتدأ محذوفٌ، أَي: الأمرُ ذلك، والإشارة إلى العَذَابِ، ومَنْ قال بأنَّه نصب، قدَّره: «فعلنا ذلك» [والباءُ متعلِّقة بذلك المَحْذُوف، ومَعْنَاها السببية.

فصل في اختلافهم في الإشارة ب «ذلك»

اختلفوا في الإشارة بقوله «ذلك» ] إلى ماذا؟ على قولين:

الأوَّل: أنَّهُ إشارةٌ إلى ما تقدَّم من الوعيد على الكِتْمان، أي: إِنَّما كان لأَنَّ الله أنْزَلَ الكتابَ بالحَقِّ في صفَةِ محمَّد - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وإنَّ هؤلاء اليَهُود والنصارى لأجْل مشاقَّة الرَّسُول عليه الصَّلاة والسَّلام يُخْفُونَه، ويوقِعُون التُّهمة فيه، فلا جَرَم، استحقُّو ذلك الوعيد الشديد، ثم تقدَّم في الوعيد أُمُورٌ:

أقربُها: أنَّهم اشتروا العذابَ بالمَغْفرة.

ثانيها: اشْتَرُوا الضَّلالة بالهُدى.

ثالثها: أَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أليماً.

رابعها: أَنَّ الله لا يزكِّيهم.

خامسها: أَنَّ الله لا يكلِّمهم.

فقوله: «ذَلِكَ» يصلُحُ أَنْ يكون إشارة إلى [كلِّ واحدٍ منها، وأن يكونَ إشارةً إلى المَجْمُوع.

والقول الثاني: أَنَّ ذلك إشارةٌ إلى] ما يفعلونه من جراءتهم على الله في مخالفَتَهِم أَمْرَ الله، وكتمانِهِمْ ما أَنْزَل الله فبيَّن تبارك وتعالى أَنَّ ذلك إِنَّما هُوَا من أَجلِ الكتابَ بالحَقِّ وقد نزل فيه أَنَّ هؤلاء الكُفَّارَ لا يؤمِنُون، ولا يَنْقَادُونَ، ولا يَكُون منهم إلَاّ الإصْرَار على الكُفْرِ؛ كقوله: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ} [البقرة: ٦ - ٧] وقوله: «بالحَقِّ» ، أَي: بالصِّدق، وقيل: ببيان الحقِّ، والمرادُ من «الكتاب» : يحتمل أن يكُونَ التَّوراة، والإنجيل، ويحتمل أن يكُون

<<  <  ج: ص:  >  >>