وقال [عليٌّ: لأن أوصي بالخمس أحبُّ إليَّ من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع أحبُّ إليَّ من أن أوصي بالثُّلثن فلم أوصي بالثُّلث، فلم يترك «] .
وقال الحسن: نوصي بالسُّدس، أو الخمس، أو الرُّبع.
وقال الفارسيُّ: إنما كانوا يوصون بالخمس والرُّبع.
وذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز أن يوصي بأكثر من الثُّلث، إلَاّ أصحاب الرأي، فإنهم قالوا: إن لم يترك الوصيُّ ورثةً، جاز له أن يوصي بماله كله.
وقالوا: إنَّما جاز الاقتصارعلى الثُّلث في الوصيَّة؛ لأجل أن يدع ورثته أغنياء.
قوله» حَقّاً «في نصبه ثلاثة أوجهٍ:
أحدها: أن يكون نعتاً لمصدر محذوف، ذلك المصدر المحذوف: إما مصدر» كُتِبَ «، أو مصدر» أَوْصَى «، أي:» كَتْباً حَقّاً «أو» إيصاءً حَقّاً «.
الثاني: أنه حالٌ من المصدر المعرَّف المحذوف، إما مصدر» كُتِبَ «، أو» أوصى «؛ كما تقدَّم.
الثالث: ان ينتصب على أنَّه مؤكِّدٌ لمضمون الجملة؛ فيكون عاملة محذوفاً، أي: حُقَّ ذلك حَقّاً، قاله الزمَّخشرِيُّ، وابن عطيَّة، وأبو البَقَاء.
قال أبو حَيَّان: وهذا تَأْبَاهُ القَوَاعِدُ النَّحْوِيَّة؛ لأن ظاهر قوله «على المُتَّقِينَ» أن يتعلَّق ب «حَقّاً، أو يكون في موضع الصفة له، وكلا التقديرين لا يجوز.
أما الأول؛ فلأنَّ المصدر المؤكِّد لا يعمل، وأما الثاني؛ فلأنَّ الوصف يخرجه عن التَّأكيد.
قال شهاب الدِّين: وهذا لا يلزمهم؛ فإنهم، والحالة هذه، لا يقولون: إنَّ» عَلَى المُتَّقِينَ «متعلِّق به، وقد نصَّ على ذلك أو بالبَقَاءِ - رَحِمَهُ اللهُ -؛ فإنه قال: وقيل: هو متعلِّق بنفس المصدر، وهو ضعيفٌ؛ لأنَّ المصدر المؤكِّد لا يعمل، وإنَّما يعمل المصدر المنتصب بالفعل المحذوف، إذا ناب عنه؛ كقولك» ضَرباً زيداً «، أي:» اضْرِبْ «إلَاّ أنه جعله صفة ل» حقّ «فهذا يرد عليه، وقال بعض المعربين: إنه مؤكد لما تضمَّنه معنى المتقين: كأنَّه قيل» عَلَى المُتَّقِينَ حَقّاً؛ كقوله:{أولئك هُمُ المؤمنون حَقّاً}[الأنفال: ٧٤]