للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الأوَّل: قراءة أُبي «فعدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ مُتتابعاتٍ» فكذا القضاءُ.

وقال بعضهم: التَّتابع مستحبٌّ، وإن فرق، جاز؛ فيكون أمراً بصَوم أيامٍ على عدد تِلْكَ الأيَّام مطلقاً، فالتقديرُ بالتتابع مخالفٌ لهذا التَّعميم، ويُروى عن أبي عُبيدة بن الجرَّاح أنه قال: «إِنَّ الله لَمْ يُرَخِّصْ لَكُمْ في فِطرهِ، وهو يريد أنْ يشُقَّ عليكم في قَضَائِهِ؛ إنْ شئْتَ فَواتِرْ، وإنْ شِئْتَ فَفَرِّقْ» ، ورُوِي أنَّ رجلاً قال للنبيَّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عَلَيَّ أَيَّامٌ مِنْ رَمَضَانَ، أَفَيُجْزيني أَنْ أقضيها مُتفرقاً فقال لهُ: «لَوْ كَانَ عَلَيْكَ دَيْنٌ، فَقَضَيْتَهُ الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْن، أَمَا كَانَ يُجْزِيكَ؟» فقال: نَعَمَ، قَالَ «فَاللهُ أحقُّ أَنْ يَعفُو ويصفح»

قوله «يُطِيقُونَهُ» الجمهور على «يُطِيقُونَهُ» من أطَاقَ يُطِيقُ، مثلُ أقَامَ يٌقِيمُ، وقرأ حُمَيدٌ «يُطْوِقُونَهُ» من «أَطْوَقَ» كقولِهم أَطْوَال في أطالَ، وأغْوَال في أغال، وهذا تصحيحٌ شاذٌ، ومثله في الشُّذُوذ من ضوات الواو أجودَ بمعنى أجادَ، ومن ضوات الياء أَغْيَمَتِ السَّماءُ، وأَجبَلَتْ، وأَغْيَلَت المَرْأَةُ وأَطْيَبَتْ، وقد جاء الإعلالُ في الكُلِّ، وهو القياس، ولم يقل بقياسِ نحو أَغيَمَتْ المَرْأَةُ وَأَطْيَبَتْ، وقد جاء الإعلالُ في الكُلِّ، وهو القياس، ولم يقل بقياسِ نحو أَغيَمَتْ وَأَطوَلَ إِلا أبو زَيدٍ. وقرأ ابن عبَّاسٍ وابن مَسعُودٍ، وسعيدُ بنُ جُبَيرٍ، ومجاهد، وعكرمةُ، وأيُّوب السَّختياني، وعطاءٌ «يُطوَّقونَهُ» مبنيّاً للمعفول من «طوَّقَ» مُضعَّفاً، على وزن «قَطَّعَ» ، وقرأ عائشةُ، وابن دينارٍ: «يَطَّوَّقُونَهُ» بتشديد الطاء والواو من «أَطْوَقَ» ، وأصله «تَطَوَّقَ» ، فلما أُرِيدَ إدغامُ التَّاء في الطاء، قُلِبت طاء واجتلبت همزةُ الوَصل؛ ليمكن الابتداءُ بالسَّاكن، وقد تقدَّم تقرير ذلك في قوله تعالى: {أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨] وقرأ عكرمةُ وطائفة «يَطَّيَّقُونه» بفتح الياء، وتشديد الطَّاء، والياء، وتُروى عن مجاهد أيضاً، وقرىء أيضاً هكذا لكن ببناء الفعل للمفعُول.

وقد ردَّ بعضهم هذه القراءة، وقال ابنُ عطيَّة تشديدُ الياءِ في هذه اللَّفظة ضعفٌ وإنَّما قالُوا ببُطْلان هذه؛ لأنَّها عندَهُم من ذوات الواو، وهو الطَّوق، فمِنْ أين تجيء الياء، وهذه القراءةُ لَيْسَت باطلةً، ولا ضعيفةً، ولها تخريجٌ حسنٌ، وهو أن هذه القراءة لَيستْ من «تَفَعَّلَ» ؛ حتى يلزم ما قالوه من الإشكال، وإنما هي من «تَفَيْعَل» ، والأصلُ «تَطَيْوَقَ» مِنَ «الطَّوْقِ» ك «تَدَيَّرَ» و «تَحَيَّرَ» من «الدَّوَرَانِ» و «الحَوْر» ، والأصل «تَدَيْوَرَ» ، و «تَحَيْورَ» فاجتمعت الواوُ والياءُ، وسبَقَتْ إحداهما بالسُّكُون، فقلبت الواو ياءً، وأُدغمت الياء في الياء، فكان الأصلُ «يَتَطَيْوَقُونَهُ» ، ثم أُدغم بعد القلبِ، فمن قرأ «

<<  <  ج: ص:  >  >>