للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تقُول: ضِرَاب بمعنى مَضْرُوبِ، ولا قِتَال بمعنى مَقْتُولٍ، ولكونها غير جاريةٍ على فِعْلِ، لم تَعَمْلْ عَمَله، ولا تَقُولُ: «مَرَرْتُ بِرَجُلٍ طَعَامٍ خُبْزُهُ» وإذا كانَ غيرَ صفةٍ، فكيفَ يقال: أُضِيفَ المَوْصُوفُ لصفَتِهِ؟

وإنِّما أُفْرِدَت «فِدْيَةٌ» ؛ لوجهين:

أحدهما: أنَّها مصدرٌّ، والمصدرُ يُفْرَدُ، والتاء فيها ليست للمَرَّة، بل لِمُجَرَّدِ التأنيث.

والثاني: انه لَمَّا أضافَها إلى مضافٍ إلى الجمع، أفَهْمَتِ الجَمْعَ، وهذا في قراءةِ «مَسَاكين» بالجمع، ومَنْ جمع «مَسَاكِين» ، فلمقابلةِ الجمع بالجمع، ومَنْ أَفْرَدَ، فعلى مراعاة إفراد العُمُوم، أي: وعلى كلِّ واحدٍ مِمَّن يُطيقُ الصَّوْم؛ لكُلِّ يوم يُفْطِرُهُ إطعامُ مسكين؛ ونظيرهُ: {والذين يَرْمُونَ المحصنات ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فاجلدوهم ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] .

وتَبَيَّن مِنْ إفراد «المِسْكِين» أنَّ الحُكم لِكلِّ يومٍ يُفْطر فيه مِسْكِينٌ، لوا يُفْهَمُ ذلك من الجَمع، والطَّعَام: المرادُ به الإِطْعَامُ، فهو مصدرٌ، ويَضْعُفُ أنْ يُراد به المفعولُ، قال أبو البقاء: «لأنَّه أضافه إلى المِسْكِين، وليْسَ الطعامُ للمسْكِين قَبْل تمليكِه إياه، فلو حُمِلَ على ذلك، لكان مجازاً؛ لأنه يصير تقديرُه: فعلَيهِ إخراجُ طعام يَصِيرُ للمَسَاكِين، فهو من باب تسمية الشيءِ بما يؤول إليه، وهو وإنْ كان جائزاً، إلا أنِّه مجازٌ، والحقيقة أَوْلى منه» .

قوله: {فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً} قد تقدَّم نظيرهُ عنْد قوله تعالى: {وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١٥٨] فَلْيُلْتَفتْ إليه، والضميرُ في قوله: «فَهُوَ» ضميرُ المصدرِ المدْلُول عليه بقوله: «فَمَنْ تَطَوَّعَ» ، فالتَّطُّوعُ خيرٌ له، و «لَهُ» في مَحَلِّ رفعٍ؛ لأنه صفةً ل «خَيْرٌ» ؛ فيتعلٌَُّ بمحذوف، أيْ: خَيْرٌ كَائِنٌ لَهُ.

فصل في نسخ الآية.

ذهب أكثَر العُلماء إلى أنَّ الآية منسُوخةٌ، وهو قَوْل ابن عُمَر، وسلمة بن الأكوع، وغيرهما؛ وذلك أنَّهم كانُوا في ابتداءِ الإٍلام مُخيَّرين بين أن يَصُوموا، وبين أن يُفْطِروا، ويفتدوا، خَيَّرهم الله تعالى؛ لئلَاّ يشقّ عليهم؛ لأنَّهم كانُوا لم يتعودُّوا لاصَّوم، ثم نُسِخ التَّخيير، ونزلت العزيمةُ بقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وقال قتادة هي خاصَّة بالشَّيخ الكبير الَّذي يُطيقُ الصَّوم، ولكن يشقُّ عليه، رُخِّص له أن يُفطِر ويفيد [ثُمَّ نسخ.

وقال الحسن: هذا في المريض الَّذي به ما يقع عليه اسم المرضِ، وهو يَسْتطيع،

<<  <  ج: ص:  >  >>