للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الشَّهر، فليصم كلَّ الشهر، فعلى هذا: من شَهِدَ هِلَال رمَضَان، فقد شهد جُزءاً من أجزاء الشَّهر، وعلى هذا التقدير، يستقيم معنى الآية، وليس فيه إلَاّ حَمُْ لفظ الكل على الجزء، وهو مجازٌ مشهور.

ولقائلٍ أن يقولك إنَّ الزجَّاج قال: إنَّ الشَّهْر اسمٌ للهلال نفسه؛ كما تقدَّم عنه، وإذا كان كذلك، فقد زال كُلُّ ما ذكره من ارتكاب المجاز وغيره.

قال القرطبيُّ: وأعيد ذكر الشَّهر؛ تعظيماً له؛ كقوله {الحاقة مَا الحآقة} [الحاقة: ١ - ٢] ؛ وأنشد على أنَّه اسمٌ للهلا قول الشاعر: [الكامل]

٩٤٣ - ب - أَخَوَانِ مِنْ نَجْدٍ عَلَى ثِقَةٍ ... وَالشِّهْرُ مِثْلُ قُلَامَةِ الظُّفْرِ

حتَّى تكامل في اسْتِدَارَتِهِ ... في أرْبَعٍ زَادَتْ عَلَى عَشْر

فصل

روي عن عليٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أنَّ من دخل عليه الشهر، وهو مقيمٌ ثم سافر فالواجب عليه الصَّوم، ولا يجوز له الفطر؛ لأنه شهد الشهر.

وأما سائر الفُقَهَاء من الصَّحَابة وغيرهم، فقد ذهبوا إلى أنه إذا أنشأ السَّفَر في رمضان، جاز له الفطر، ويقولون: قوله {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، وإن كان عامّاً يدخل فيه الحاضر والمسافر، إلَاّ أن قوله بعد ذلك: {فَمَنْ كَانَ مَرِيضاً، أوْ عَلَى سَفَرٍ، فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامُ أُخَرَ} خاصٌّ، والخاصُّ مقدَّم على العامِّ.

ذهب أبو حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - إلى أنَّ المجنون، إذا أفاق في أثناء الشهر يلزمه قضاء ما مضى.

قال: لأنَّا دللنا على أنَّ الآية دلَّت على أنَّ من أدرك جزءاً من رمضان، لزمه صوم رمضان؛ فيكون صوم ما تقدَّم منه واجباً؛ فيجب قضاؤه

فصل في كيفية شهود الشَّهْر

شهود الشَّهر: إما بالرُّؤية أو بالسَّماع.

أما الرؤية: فنقول: إذا رأى إنسانٌ هلال رمضان وحده، فإما أن يرد الإما شهادته أولا؛ فإن ردَّت شهادته، وجب عليه الصَّوم؛ لأنَّه شهد الشَّهر، وإن قبل شهادته أو لم ينفرد بالرؤُية، فلا شك في وجوب الصَّوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>