للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثم سمّي به بقعة واحدة كقولهم: ثوبٌ أخلاقٌ، وبرمةٌ أعشار، وأرضٌ سباسب، والتَّقدير، كان كلُّ قطعة من تلك الأرض عرفة، فسمِّي مجموع تلك القطع بعرفاتٍ.

والمشهورُ: أنَّ عرفات وعرفة واحدٌ، وقيل: عرفة اسم اليوم، وعرفات اسم مكان، وعرفة هي نعمان الأراك؛ قال الشَّاعر: [الطويل]

١٠٠٠ - تَزَوَّدْتُ مِنْ نَعْمَانَ عُودِ أَرَاكَةٍ ... لِهِنْدٍ وَلَكِنْ مَنْ يُبْلِّغُهُ هِنْدَا

والتنوين في عرفاتٍ وبابه فيه ثلاثة أقوال:

أظهرها: أنه تنوين مقابلةٍ، يعنون بهذا أنَّ تنوين هذا الجمع مقابلٌ لنون جمع الذكور، فتنوين مسلماتٍ مقابلٌ لنون مسلمين، ثم جعل كلُّ تنوين في جمع الإناث - وإن لم يكن لهنّ جمعٌ مذكرٌ - طرداً للباب.

والثاني: أنه تنوين صرف، وهو ظاهر قول الزمخشريِّ؛ فإنه قال: «فإن قلتَ: فَهَلَاّ مُنِعَتِ الصَّرْفَ، وفيها السببان: التعريف والتأنيث؛ قلت: لا يخلو التأنيث: إما أن يكون بالتاء التي في لفظها، وإما بتاء مقدَّرة؛ كما هي في» سُعاد «، فالتي في لفظها ليست للتأنيث، وإنما هي مع الألف التي قبلها علامة جمع المؤنَّث، ولا يصحُّ تقدير التاء فيها؛ لأنَّ هذه التاء لاختصاصها بجمع المؤنث مانعةٌ من تقديرها، كما لا تقدَّر تاء التأنيث في» بِنْتٍ «؛ لأنَّ التاء التي هي بدلٌ من الواو؛ سبباً فيها، فصار التنوين عنده للصَّرف.

وأجاب غيره من عدم امتناع صرفها: فأنَّ هذه اللَّفظة في الأصل اسمٌ لقطع كثيرة من الأرض، كلُّ واحدة منها تسمى بعرفة، وعلى هذا التَّقدير لم يكن علماً، ثم جعلت علماً لمجموع تلك القطع فتركوها بعد ذلك على أصلها في عدم الصرف.

والثالثك أنَّ جمع المؤنث، إن كان مذكرٌ؛ كمسلمات ومسلمين، فلتنوين للمقابلة، وإلَاّ فللصَّرف؛ كعرفاتٍ.

والمشهور - حال التسمية به - إن يُنوَّن ويعرب بالحركتين: الضمة والكسرة؛ كما لو كان جمعاً، وفيه لغةٌ ثانيةٌ: وهو حذف التنوين تخفيفاً، وإعرابه بالكسرة نصباً، والثالثة: أعرابه غير منصرف بالفتحة جرّاً، وحكاها الكوفيُّون والأخفش، وأنشد قول امرئ القيس: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>