اعلم أنَّ اليوم الثَّامن من ذي الحجَّة يسمَّى يوم التَّروية، والتَّاسع: يوم عرفة، وقد تقدَّم تعليل يوم عرفة، وأمَّا التَّريوة ففيه قولان:
أحدهما: ما تقدَّم من تروِّي إبراهيم - عليه السَّلام - في منامه، من روَّى يروِّي تروية؛ إذا تفكَّر وأعمل فكره ورؤيَّته.
وقيل: إن آدم - عليه السلام - أمر ببناء البيت، فلمَّا بناه تفكَّر فقال: رب، إنَّ لكلِّ عاملٍ أجراً، فما أجري على هذا العلم؟ قال: إذا طفت به غفرت لك ذنوبك بأول شوط من طوافك. قال: رب زدني، قال: لأغفرنّ لأولادك إذا طافوا به، قال: رب زدني، قال: أغفر لكلِّ من استغفر له الطَّائفون من موحدي أولادك. قال: حسبي يا ربِّ حسبي.
وقيل: إنَّ أهل مَّة يخرجون يوم التَّروية إلى منى فيروُّون في الأدعية التي يريدون أن يذكروها في الغد بعرفات.
الثاني: من رواه بالماء يرويه؛ إذا سقاه من عطشٍ، فقيل: إن أهل مكَّة كانوا يخفون الماء للحجيج الذين يقصدونهم من الآفاق، وكان الحاجُّ يستريحون في هذا اليوم من مشاقِّ السَّفر، ويتسعون في الماء، ويروون بهائمهم بعد قلَّة الماء في الطَّريق.