وقيل: إنَّ المذنبين كالعطاش الَّذين وردوا بحار رحمة الله - تعالى -، فشربوا منها حتى رووا.
فصل في فضل هذين اليومين
دلّ عليه قوله تعالى:{والشفع والوتر}[الفجر: ٣] ، قال ابن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: «الشَّفْعُ» ؛ يوم التَّروية وعرفة، والوتر يوم النَّحر.
وعن عبادة؛ أنه - عليه السّلام - قال:«صِيَامُ عَشْر الأضْحَى كُلُّ يومٍ مِنْها كالشَّهْرِ، ولِمَن يَصُوم يَوْم التَّروية سَنَة، وبصَوْم يوم عَرَفَة سَنَتَانِ»
وروى أنس عنه - عليه السلام -؛ قال:«مَنْ صَامَ يَوْمَ التَّرويَةِ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَثْلَ ثَوَابِ عِيسَى ابْنِ مَريمَ»
، وأما يوم عرفة فله عشرة أسماء خمسة منها مختصَّة به، وخمسة يشترك فيها مع غيره، فالخمسة الأول:
أحدها: عرفة وتقدَّم اشتقاقه.
الثاني: يوم إياس الكفَّار من دين الإسلام؛ قال - تبارك وتعالى -: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الأسلام دِيناً}[المائدة: ٣] .
قال عمر، وابن عبَّاس: نزلت هذه الآية الكريمة عشيَّة عرفة، والنَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ واقف بعرفة في موقف إبراهيم - عليه السلام -:، وذلك في حجَّة الوداع وقد اضمحلَّ الكفر وهدم شأن الجاهليَّة، فقال النبيُّ - عليه السلام -: «لو يَعْلَمُ النَّاسُ ما لَهُم في هذه الآية، لقَّرَّت أَعْيُنُهُم» فقال يهوديُّ لعمر: لو أنَّ هذه الآية نَزَلَت عَلَيْنَا لاتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْم عِيداً، فقال عُمَر: أمَّا نَحْنُ فَجَعَلْنَاهُ عيدين «؛ كان يوم عَرَفَة ويَوم الجُمَعَة، ومعنى إياس المشركين بأنَّهم يئسوا من قوم محمَّد - عليه السَّلام - أن يرتَدّوا [راجعين] إلى دينهم.
الثالث: يوم إكمال الدِّين؛ نزل فيه قول تعالى:{اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣] فلم يأمرهم بعد ذلك بشيءٍ من الشَّرائع.