للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله أولاً: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ، فهو كقوله: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ} [البقرة: ١٩٤] .

وذكر ابن الخطيب هنا سؤالاً؛ فقال: قوله: «وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ» فيه إشكالٌ؛ لأنه إذا كان قد استوفى كلَّ ما يلزمه في تمام الحجِّ، فما معنى قوله: «فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ» فهذا اللَّفظ إنما يقال في حقِّ المقصِّر، وأجاب بوجوه:

أحدها: ما تقدَّم من المقابلة، ونقله عن الواحدي.

وثانيها: أنّه - تعالى - لما أذن في التَّعجيل على سبيل الرُّخصة، احتمل أن يخطر بالبال أنَّ من لم يترخَّص فإنه يأثم. كما قال أبو حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: القصر عزيمة والإتمام غير واجب، ومذهب أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: القصر والفطر في السَّفر أفضل، فأزال الله - تعالى - هذه الشُّبهة، وبيَّن أنه لا إثم عليه في الأمرين، فإن شاء تعجَّل وإن شاء تأخَّر.

وثالثها: قال بعض المفسِّرين: إن منهم من كان يتعجَّل، ومنهم من كان يتأخَّر، وكل واحد من الفريقين يعيب على الآخر فعله، ويقول: هو مخالفٌ لسنَّة الحجِّ، فبيَّن الله - تعالى - أنّه لا عيب على كلِّ واحد من الفريقين.

ورابعها: أنّ المعنى في إزالة الإثم عند المتأخِّر؛ إنما هو لمن زاد على مقام الثَّلاث؛ فكأنّه قيل: أيَّام منى التي ينبغي المقام فيها هي ثلاث، فمن نقَّص منها وتعجَّل في يومين، فلا إثم عليه، ومن زاد عليها فتأخَّر عن الثَّالث إلى الرَّابع؛ فلم ينفر مع النَّاس، فلا شيء عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>