والثاني: أنه الله تعالى بالمجاز المتقدِّم، أي: أمر الله في حال كونه مستقراً في ظلل.
الثالث: أن تكون «في» بمعنى الباء، وهو متعلقٌ بالإتيان، أي: إلَاّ أن يأتيهم بظلل؛ ومن مجيء «في» بمعنى الباء قوله: [الطويل]
١٠٢٩ - ... ... ... ... ... ... ... ... ... خَبِيرُونَ في طَعْنِ الكُلَى وَالأَبَاهِرِ
لأنَّ «خَبِيرِينَ» إنَّما يتعدَّى بالباء؛ كقوله: [الطويل]
١٠٣٠ - ... ... ... ... ... . . فَإنَّني ... خَبِيرٌ بأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ
الرابع: أن يكون حالاً من «المَلَائِكَةِ» مقدَّماً عليها ويحكى عن أبيّ، والأصل: إلَاّ أن يأتيهم الله والملائكة في ظللٍ، ويؤيِّد هذا قراءة عبد الله إياه كذلك، وبهذا - أيضاً - يقلُّ المجاز، فإنه - والحالة هذه - لم يسند إلى الله تعالى إلَاّ الإتيان فقط بالمجاز المتقدم.
وقرأ أُبيّ وقتادة والضَّحاك: في ظلالٍ، وفيها وجهان:
أحدهما: أنها جمع ظلّ؛ نحو: صلّ وصلال.
والثاني: أنها جمع ظلَّة؛ كقلَّة وقلال، وخلَّة وخلال، إلَاّ أنَّ فعالاً لا ينقاس في فُعلة.
قوله تعالى: «مِنَ الغَمَامِ» فيه وجهان:
أحدهما: أنه متعلق بمحذوف؛ لأنه صفةٌ ل «ظُلَل» التقدير: ظُلَلٍ كائنةٍ من الغمام. و «مِنْ على هذا للتعبيض.
والثاني: أنه متعلق ب» يَأْتِيهم «، وهي على هذا لابتداء الغاية، أي: من ناحية الغمام.
والجمهور على رفع» المَلَائِكَةُ «؛ عطفاً على اسم» الله «.
وقرأ الحسن وأبو جعفر: بجرِّ» الملائكةِ «وفيه وجهان:
أحدهما: العطف على» ظُلِلٍ «، أي: إلَاّ أن يأتيهم في ظللٍ، وفي الملائكة.