والثاني: العطف على» الغمامِ «أي: من الغمام ومن الملائكة، فتوصِف الملائكة بكونها ظللاً على التشبيه، وعلى الحقيقة، فيكون المعنى يأتيهم أمر الله وآياته، والملائكة يأتون ليقومون بما أمروا به من الآيات والتعذيب، أو غيرهما من أحكام يوم القيامة.
أحدهما: أن يكون معطوفاً على» يَأْتيهم «وهو داخل في حيِّز الانتظار، ويكون ذلك من وضع الماضي موضع المستقبل، والأصل: ويقضى الأمر وإنما جيء به كذلك؛ لأنه محققٌّ كقوله:{أتى أَمْرُ الله}[النحل: ١] وقوله: {وَإِذْ قَالَ الله ياعيسى ابن مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني}[المائدة: ١١٦] والسبب في اختيار هذا المجاز، إمَّا التنبيه على قرب الآخرة، وكأنها قد أتت، أو المبالغة في تأكيد وقوعها، كأنها قد وقعت.
والثاني: أن يكون جملة مستأنفة برأسها، أخبر الله تعالى بأنه قد فرغ من أمرهم، فهو من عطف الجمل، وليس داخلاً في حيّز الانتظار.
وقرأ معاذ بن جبل:» وَقَضَاء الأَمْرِ «قال الزمخشريُّ:» عَلَى المصْدَرِ المرفوع؛ عطفاً على الملائكة «. وقال غيره: بالمدِّ والخفض؛ عطفاً على» الملائكة «.
قيل: وتكون على هذا» فِي «بمعنى» البَاءِ «أي: بظُللٍ، وبالملائكة، وبقضاء الأمر، فيكون عن معاذ قراءتان ي الملائكة، الرفع والخفض، فنشأ عنهما قراءتان له في قوله:» وقُضِيَ الأمر «.
ومعنى قضي الأمر؛ هو فصل القضاء ببين الخلق يوم القيامة، وإنزال كلِّ واحد منزلته من جنَّةٍ، أو نارٍ؛ قال تعالى:{وَقَالَ الشيطان لَمَّا قُضِيَ الأمر إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق}[إبراهيم: ٢٢] .
قوله:{وإلى الله تُرْجَعُ الأمور} هذا الجار متعلق بما بعده، وإنما قدِّم للاختصاص، أي: لا ترجع إلَاّ إليه دون غيره. وقرأ الجمهور: «تُرْجَعُ» بالتأنيث لجريان جمع التكسير مجرى المؤنث، إلَاّ أنَّ حمزِة والكسائي ونافعاً قرؤوا ببنائه للفاعل، والباقون ببنائه للمفعول، و «رَجَعَ» يستعمل متعدياً تارةً، ولازماً أخرى، وقال تعالى:{فَإِن رَّجَعَكَ الله}[التوبة: ٨٣] فجاءت القراءتان على ذلك، وقد سمع في المتعدي «أرجع» رباعياً، وهي