وتكونُ تامّة، إذا أُسندَتْ إلى «أَنْ» أَوْ «أنَّ» ؛ لأنهما يَسدَّان مَسَدَّ اسمها وخبرها، والأصحُّ أنها فِعْلٌ، لا حرفٌ، لاتصالِ الضمائر البارزةٍ المرفوعةِ بها.
قال تعالى:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ}[محمد: ٢٢] ويرتفع الاسم بعده فقوله: «عَسَى زَيْدٌ» معناه: قرب ووزنُها «فَعَل» بفتح العين، ويجوز كسر عينها، إذا أسندت لضمير متكلم، أو مخاطبٍ أو نون إناثٍ وهي قراءةُ نافعٍ، وستأتي إن شاء الله تعالى ولا تتصرَّفُ بل تلزمُ المضيَّ.
والفرقُ بين الإشفاق والترجِّي بها في المعنى:
أنَّ الترجِّي في المحبوبات، والإشفاقَ في المَكروهات.
و «عَسَى» من الله تعالى واجبةٌ؛ لأنَّ الترجِّي والإشفاق محالانِ في حقَّه. وقيل: كلُّ «عَسَى» في القرآن للتحقيق، يعنُون الوقوعَ، إِلَاّ قوله تعالى:{عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ}[التحريم: ٥] وهي في هذه الآية ليسَت ناقصة؛ فتحتاج إلى خبرٍ، بل تامةٌ، لأنها أُسْندت إلى «أَنْ» ، وقد تقدَّم أنها تَسُدُّ مَسدَّ الخبرين بعدها. وزعم الحُوفيُّ أَنَّ:«أَنْ تَكْرَهُوا» في محلِّ نصبٍ، ولا يمكن ذلك إلا بتكلُّفٍ بعيد.
قوله:{وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} في هذه الجملة وجهان:
أظهرهما: أنها في محلِّ نصبٍ على الحال، وإنْ كانَتْ من النكرة بغيرِ شرطٍ من الشروط المعروفة قليلةً.
والثاني: أَنْ تكونَ في محلِّ نصبٍ على أنها صفةٌ ل «شَيْئاً» وإنما دخلت الواو على الجملة الواقعة صفة؛ لأنَّ صورتها صورة الحالِ، فكما تدخل الواو عليها حاليةً، تدخلُ عليها صفةً، قاله أبو البقاء ومثلُ ذلك ما أجازه الزمخشريّ في قوله:{وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَاّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ}[الحجر: ٤] فجعل «وَلَهَا كِتَابٌ» صفةً لقريةٍ، وقل: وكانَ القياسُ ألَاّ تتوسَّطَ هذا الواو بينهما؛ كقوله:{وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَاّ لَهَا مُنذِرُونَ}[الشعراء: ٢٠٨] وإنما توسَّطَت؛ لتأكيد لصوقِ الصفةِ بالموصوفِ، كما يُقالُ في الحالِ:«جاءني زيدٌ عليه ثوبٌ، وعليه ثوبٌ» . وهذا الذي أجازه أبو البقاء هنا،