المؤمنين كارهين لحكم الله، وتكليفه، وذلك غير جائزٍ؛ لأن المؤمن لا يكون ساخطاً لأوامر الله وتكليفه، بل يرضى بذلك، ويحبُّه، ويعلم أنه صلاحه، وتركه فساده؟
والجواب من وجهين:
أحدهما: أن المراد من «الكُرْهِ» كونه شَاقّاً على النفس، لأن التكليف عبارةٌ عن إلزام ما فيه كلفةٌ، ومشقةٌ، ومن المعلوم: أن الحياة من أعظم ما يميل الطبع إليها، فلذلك كان القتال من أشقِّ الأشياء على النفس، لأنَّ فيه إخراج المال، والجراحات، وقطع الأطراف، وذهاب الأنفس، وذلك أمرٌ يشق على الأنفس.
والثاني: أن يكون المراد منه كراهتهم للقتال قبل أن يفرض؛ لما فيه من الخوف، ولكثرة الأعداء فبيَّن تعالى أن الذي تكرهونه من القتال خيرٌ لكم من تركه، لئلَاّ تكرهونه بعد أن فرض عليكم.
قال عكرمة: نسخها قوله تعالى: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}[النساء: ٤٦] يعني أنهم كرهوه ثم أحبوه.
قوله {وعسى أَن تَكْرَهُوا} ، «عَسَى» فعلٌ ماضٍ، نُقِل إلى إنشاءِ الترجِّي والإشفاق، وهو يرفعُ الاسمَ ويَنْصِبُ الخَبر، ولا يكون خبرُها إلا فِعلاً مضارعاً مقروناً ب «أَنْ» ، وقد يجيءُ اسماً صريحاً؛ كقوله [الرجز]