للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

البقاء، وجعله جيّداً، وهذا غيرُ جيّد؛ لأنه يلزمُ منه حذفُ حرفِ الجَرّ وإبقاءُ عملهِ، ولا يجوزُ ذلك إلا في صورٍ ليس هذا منها، على خلافٍ في بعضها، ونصَّ النَّحويُّون على أنَّه ضرورةٌ؛ كقوله: [الطويل:]

١٠٦٣ - إِذَا قِيلَ: أَيُّ النَّاسِ شَرُّ قَبِيلَةٍ ... أَشَارَتْ كُلَيْبٍ بِالأَكُفِّ الأَصَابِعُ

أي: إلى كُليبٍ فهذه أربعةُ أَوجه، أجودها الثاني.

ونقل بعضهم أَنَّ الواو في المسجد هي واو القسم فيكون مجروراً.

وأمَّا رفعه فوجهُه أَنَّهُ عطفٌ على «وَكُفْرٌ» على حذف مُضافٍ تقديره «وَكُفْرٌ بالمَسْجِدِ» فحُذِفَت الباءُ، وأُضِيفَ «كُفْرٌ» إلى المسجد، ثمَّ حُذِفَ المضافُ وأُقيم المُضَافُ إليه مُقَامَهُ، ولا يَخْفَى ما فيه من التَّكَلُّفِ.

فصل

وفي الصَّدِّ عن سبيل اللهِ وجوهٌ:

أحدها: أَنَّهُ صدٌّ عن الإِيمان باللهِ ورسوله.

وثانيها: صدُّ المسلمين عن الهجرة للرَّسُول عليه السَّلام.

وثالثها: صدُّ المسلمين عام الحُدَيبية عن العُمرَة.

ولقائل أن يقول: دلّت الرَّوايات على أَنَّ هذه الآية، نزلت قبل غزوة بدرٍ باعثاً للرَّسُول مستحقّاً للعبادة قادراً على البعث، وأما «المَسْجِد الحَرَامِ» فإِنْ عطفناه على الضَّمير في «بِهِ» ؛ كان المعنى: وكفر بالمسجد الحرام ومعنى الكفر بالمسجد الحرام هو منعُ النَّاسِ عن الصَّلَاةِ، والطَّواف به، فقد كفروا بما هو السَّبَبُ في فضيلته الَّتي بها يتميَّزُ سائر البقاع.

وإن عطفناه على «سَبِيلِ اللهِ» كان المعنى: وصدّ عن المسجد الحرام، وذلك لأَنَّهم صَدُّوا الطَّائفين، والعاكِفِين، والرُّكَّعِ السُّجُود عن المَسْجِدِ الحَرَامِ.

قوله: {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} عطفٌ على «كُفرٌ» ، أو «صَدٌّ» على حسب الخلافِ المتقدِّم، وهو مصدرٌ حُذِف فاعله، وأُضيفَ إلى مفعوله، تقديرُه: «وَإِخْرَاجُكم أَهْلَهُ» .

والضَّميرُ في «أَهله» و «مِنْهُ» عائدٌ على المَسْجِد وقيل: الضَّمير في «مِنْهُ» عائِدٌ على سبيل الله، والأَوَّل أظهرُ و «منه» متعلِّقٌ بالمصدر.

قوله: «أَكْبَرُ» فيه وجهان:

أحدهما: أنه خبرٌ عن الثلاثة، أعني: صَدّاً وكفراً، وإخراجاً كما تقدَّم، وفيه حينئذٍ احتمالان:

<<  <  ج: ص:  >  >>