للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولا مضارع، وكذلك ذو، وما فتِىءَ، وهلمّ، وهاكَ وهات وتعال وتعالوا.

ومعنى {وَلَا يَزَالُونَ} : نفي: فإذا دخلت عليه «مَا» كان ذلك نفياً للنَّفي، فيكون دليلاً على الثُّبوت الدَّائم.

قوله تعالى: {حتى يَرُدُّوكُمْ} حتى حرف جرِّ، ومعناها يحتمل وجهين:

أحدهما: الغاية.

والثاني: التَّعليل بمعنى كي، والتَّعليل أحسن؛ لأن فيه ذكر الحامل لهم على الفعل، والغاية ليس فيها ذلك ولذلك لم يذكر الزَّمخشريُّ غير كونها للتَّعليل قال: «وَحَتّى» معناها التَّعليل كقولك: «فُلَانٌ يُعْبُدُ اللهَ، حَتَّى يَدْخُلَ الجَنَّة» ، أي يُقَاتِلُونَكُم كي يردُّوكم «. ولم يذكر ابن عطيَّة غير كونها غاية قال:» وَ «يَرُدُّوكُم» نصب ب «حَتّى» ؛ لأنَّها غاية محرّدة. وظاهر قوله: «مَنْصُوبٌ بِحَتّى» أنه لا يضمر «أنْ» لكنَّه لا يريد ذلك، وإن كان بعضهم يقول بذلك. والفعل بعدها منصوب بإضمار أن وجوباً.

و «يَزَالُونَ» مضارع زال النَّاقصة التي ترفع الاسم، وتنصب الخبر، ولا تعمل إلا بشرط أن يتقدَّمها نفيٌ، أو نهي، أو دعاء، وقد يحذف النَّافي باطِّراد إذا كان الفعل مضارعاً في جواب قسم، وإلَاّ فسماعاً، وأحكامها في كتب النَّحو، ووزنها فعل بكسر العين، وهي من ذوات الياء بدليل ما حكى الكسائيُّ في مضارعها: يزيل، وإن كان الأكثر يزال، فأمَّا زال التَّامَّة، فوزنها فعل بالفتح، وهي من ذوات الواو لقولهم في مضارعها يزول، ومعناها التَّحوُّل. و «عَنْ دِينكُمْ» متعلق ب «يردُّوكُم» وقوله: «إِن اسْتَطَاعُوا» شرط جوابه محذوف للدلالة عليه، أي: إن استطاعوا ذلك، فلا يزالوا يقاتلونكم، ومن رأى جواز تقديم الجواب، جعل «لَا يَزَالُونَ» جواباً مقدّماً، وقد تقدَّم الرَّدُّ عليه بأنَّه كان ينبغي أن تجب الفاء في قولهم: «أَنْ ظَالِمٌ إِن فَعَلْتَ» .

قوله: {وَمَن يَرْتَدِدْ} «مَنْ» شرطيّة في محلِّ رفع بالابتداء، ولم يقرأ أحدٌ هنا بالإدغام، وفي المائدة [آية٥٤] اختلفوا فيه، فنؤخِّر الكلام على هذه المسألة إلى هناك إن شاء الله تعالى.

ويرْتَدِدث يَفْتَعِلُ من الرَّدِّ وهو الرُّجوع كقوله: {فارتدا على آثَارِهِمَا قَصَصاً} [الكهف: ٦٤] . قال أبو حيَّان: «وقد عَدَّها بعضُهم فيما يَتَعَدَّى إلى اثْنَيْنِ إذْ كانت عنده بمعنى صَيَّر، وجَعَلَ من ذلك قوله: {فارتد بَصِيراً} [يوسف: ٩٦] أي: رجَع» وهذا منه سهوٌ؛ لأنَّ الخلاف إنَّما هو بالنِّسبة إلى كونها بمعنى صار، أم لا، ولذلك مثلوا بقوله: «فَارْتدَّ بَصِيراً» فمنهم من جعلها بمعنى: «صَارَ» ، ومنهم من جعل المنصوب بعدها حالاً، وإلاّ فأين المفعولان هنا؟ وأمَّا الذي عدُّوه يتعدَّى لاثنين بمعنى: «صَيَّر» ، فهو ردَّ لا ارْتَدَّ، فاشتبه عليه ردَّ ب «ارْتَدَّ» وصيَّر ب «صَارَ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>