للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٠٧١ - خُذِي العَفْوَ مِنِّي تَسْتَدِيمِي مَوَدَّتِي ... وَلَا تَنْطقِي في سَوْرَتي حِينَ أَغْضَبُ

وقال طاوس: ما يَسُر، والعفو اليسر من كل شيءٍ، ومنه قول تعالى: {خُذِ العفو} [الأعراف: ١٩٩] أي الميسور من أخلاق النَّاس.

قال ابن الخطيب: ويشبه أن يكون العفو عن الذَّنب راجع إلى التَّيسير، والتَّسهيل، قال - عليه الصَّلاة والسَّلام -: «عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الخَيْلِ، والرَّقِيقِ، فَهَاتوا عشْرَ أَمْوَالِكُمْ» معناه: التَّخفيف بإسقاط زكاة الخيل والرَّقيق، ويُقال: أعفى فلانٌ فلاناً بحقِّه: إذا أوصله إليه من غير إلحالح في المطالبة، ويقال: أعطاه كذا عفواً صفواً: إذا لم يكدِّره عليه بالأذى، ويقال: خذ من النَّاس ما عُفِيَ لك، أي: ما تيسَّر، ومنه قوله تعالى: {خُذِ العفو وَأْمُرْ بالعرف} [الأعراف: ١٩٩] وجملة التأويل: أنَّ الله - تعالى - أدَّب النَّاس في الإنفاق، فقال: {وَآتِ ذَا القربى حَقَّهُ والمسكين وابن السبيل وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ المبذرين كانوا إِخْوَانَ الشياطين} [الإسراء: ٢٦، ٢٧] وقال: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ البسط} [الإسراء: ٢٩] وقال: {والذين إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ} [الفرقان: ٦٧] وقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا أَنْفَقْتَ عَن غِنى، وَلا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ» .

وعن جابر بن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذ جاءه رجلٌ بمثل البيضة من ذهب فقال: يا رسول الله؛ خذها صدقةً، فوالله ما أملك غيرها، فأعرض عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثم أتاه من بين يديه، فقال: هاتها مغضباً؛ فأخذها منه، ثمَّ حذفه بها، لو أصابته لأوجعته ثم قال: «يَأْتِينِي أَحَدُكُم بِمالِهِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، ثُمَّ يَتَكَفَّفُ النَّاسَ، إِنَّمَا الصَّدَقَةُ عن ظَهْرِ غِنَى، خُذْهَا، فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيها» . وكان عليه الصَّلاة والسَّلام يحبس لأهله قُوتَ سَنَةٍ.

وقال الحكماء الفضيلةُ بين طرفي الإفراط والتَّفريط.

<<  <  ج: ص:  >  >>