النساء: ٩٢] ، أي: لكن إن كان خطأً {وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ}[النساء: ٩٢] .
فصل
ظاهر الآية يدل على اشتراط حصول الخوف للرَّجل والمرأة، فنقول: الأقسام الممكنة فيه أربعة:
إمَّا أن يكون الخوفُ من قبل المرأة فقط، أو من قبل الزوج فقط، أو لا يحصل الخوفُ من قبل واحدٍ منهما، أو يكون الخوف من قبلهما معاً، فإن حصل الخوفُ من قبل المرأةَ؛ بأن تَكُون المرأَةُ ناشزاً مُبْغِضةً للرَّجُلِ، ففهنا يَحلُّ للزَّوج أخذُ المال منها؛ ويدُلُّ عليه ما رُوي في سبب نُزُول الآية: أن جميلة بنت عبد الله بن أبي أَوفَى تَزَوَّجها ثابت بن قيسٍ بن شماس، وكانت تبعضُهُ أشدَّ البُغض، وهو يحُبُّها أشدَّ الحُبِّ، فأتت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وقالت: فَرِّق بيني وبينه فإِنِّي أبغضه، ولقد رفعت طرف الخباء فرأَيْتُه يجيءُ في أقوامٍ، فكان أقصرهم قامةً وأقبحهم وجهاً وأشدَّهم سواداً، وأنا أكره الكُفْر بعد الإِسلام. فقال ثابت: يا رسُول الله، فلترُدَّ عليَّ الحديقة الَّتي أعطيتها؛ فقال لها:«مَا تَقُولِين؟» قالت: نعم وأزيده فقال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «لا، حديقته فقط» ثم قال لثابتٍ: «خذ مِنْها ما أَعْطَيْتَها وخلِّ سَبِيلَهَا» ففعل، فكان أَوَّل خُلْعٍ في الإِسلام. وفي «سُنَنِ أَبِي دَاوُد» : أنّ المرأة كانت حفصة بنت سهلٍ الأنصاري.
فإن قيل: قد شرط في هذه الآيةِ خوفهُما معاً، فكيف قُلْتُم: إنَّه يكفِي حُصُولُ الخوف منها فقط.
فالجواب: أنّ هذا الخوف - وإن كان أوّله من جهة المرأة - فقد يترَتَّب عليه الخوفُ الحاصلُ من جهة الزَّوج، فإنها إذا كانت مبغض للزَّوج إذا لم تعطه، فربَّما ضربها وشتمها، وربَّمَا زاد على قدر الواجب، فحصل الخَوْف لهما جميعاً؛ أمّا من جهتها فخوفها على نفسها من عصيان اللهِ، وأمَّا من جهته، فقد يزيد على قدرِ الواجب.
فأما أن يحصل الخوف من قبل الزَّوج فقط؛ بأن يضربها أو يُؤذِيها حتى تلتزم الفِدية، فهذا المال حرامٌ؛ للآية المتقدِّمة.
وأما القِسْم الثالث: ألا يحصل الخوف من أحدٍ منهما، فقد ذكرنا أنَّ أكثر المجتهدين قال بجواز الخلع، والمالُ المأخوذ حلالٌ، وقال قوم إنه حرامٌ.
وأما إن كان الخوفُ حاصلاً منهما، فالمال حرامٌ أيضاً؛ لأن الآياتِ المتقدِّمة تدُلُّ