قال القرطبيُّ: قوله تعالى: {لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة} يدل على أنَّ إرضاع الحولين ليس حتماً؛ لأنه يجوز الفطام قبل الحولين ولكنه تحديد لقطع التَّنازع بين الزَّوجين في مدَّة الرضاع، ولا يجب على الأب إعطاء الأجرة، لأكثر من حولين، وإن أراد الأب الفطام قبل هذه المدة، ولم ترض الأمُّ، لم يكن له ذلك.
والرَّضْعُ: مصُّ الثدي، ويقال للَّئيم: راضعٌ، وذلك أنه يخاف أن يحلب الشاة؛ فيسمع منه الحلب؛ فيطلب منه اللبن، فيرتضع ثدي الشاة بفمه.
قوله:{وَعلَى المولود لَهُ} هذا الجارُّ خبرٌ مقدَّمٌ، والمبتدأ قوله:«رِزْقُهُنَّ» ، و «أَلْ» في المولود موصولةٌ، و «لَهُ» قَائِمٌ مقام الفاعل للمولود، وهو عائد الموصول، تقديره: وعلى الذي ولد له رزقهنَّ، فحذف الفاعل، وهو الوالدات، والمفعول، وهو الأولاد، وأقيم هذا الجارُّ والمجرور مقام الفاعل.
وذكر بعض النَّاس أنه لا خلاف في إقامة الجارِّ والمجرور مقام الفاعل، إلَاّ السُّهيليَّ، فإنَّه منع من ذلك؛ وليس كما ذكر هذا القائل، فإنَّ البصريِّين أجازوا هذه المسألة مطلقاً، والكوفيُّون قالوا: إن كان حرف الجرِّ زائداً جاز نحو: ما ضربَ من أحدٍ، وإن كان غير زائدٍ، لم يجز، ولا يجوز عندهم أن يكون الاسم المجرور في موضع رفعٍ باتفاقٍ بينهم. ثم اختلفوا بعد هذا الاتفاق في القائم مقام الفاعل.
فذهب الفرَّاء: إلى أنَّ حرف الجرِّ وحده في موضع رفعٍ، كما أنَّ «يَقُومُ» من «زَيْدٌ يَقُومُ» في موضع رفع.
وذهب الكسائيُّ، وهشام: إلى أنَّ مفعول الفعل ضميرٌ مستترٌ فيه، وهو ضميرٌ مبهمٌ من حيث أن يراد به ما يدلُّ عليه الفعل من مصدرٍ، وزمانٍ، ومكانٍ، ولم يدلَّ دليلٌ على أحدها.
وذهب بعضهم إلى أنَّ القائم مقام الفاعل ضمير المصدر، فإذا قلت:«سِيرَ بزيدٍ» فالتقدير: سِير هو، أي: السَّيْرُ؛ لأنَّ دلالة الفعل على مصدره قويةٌ، ووافقهم في هذا بعض البصريين.
قوله
: {بالمعروف
} يجوز أن يتعلَّق بكلِّ من قوله: «رزقُهنَّ» و «كِسْوَتُهنَّ» على أنَّ