المسألة من باب الإعمالن وهو على إعمال الثاني، إذ لو أعمل الأول، لأُضمر في الثاني، فكان يقال: وكسوتهنَّ به بالمعروف. هذا إن أُريد بالرزق والكسوة، المصدران، وقد تقدَّم أنَّ الرزق يكون مصدراً، وإن كان ابن الطَّراوة قد رَّد على الفارسيّ ذلك؛ في قوله:{مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ السماوات والأرض شَيْئاً}[النحل: ٧٣] كما سيأتي تحقيقه في النَّحل، إن شاء الله تعالى. وإن أُريد بهما اسم المرزوق، والمكسوِّ كالطِّحن، والرِّعي، فلا بدَّ من حذف مضافٍ، تقديره: اتِّصال، أو دفع، أو ما أشبه ذلك، ممَّا يصحُّ به المعنى، ويكون «بالمعروف» متعلِّقاً بمحذوفٍ، على أنه حالٌ منهما. وجعل أبو البقاء العامل في هذه الحال الاستقرار الذي تضمَّنه «على» .
والجمهور على «كِسْوَتهنَّ» بكسر الكاف، وقرأ طلحة بضمِّها، وهما لغتان في المصدر، واسم المكسوِّ وفعلها يتعدَّى لاثنين، وهما كمفعولي «أَعْطَى» في جواز حذفهما، أو حذف أحدهما؛ اختصاراً أو اقتصاراً، قيل: وقد يتعدَّى إلى واحدٍ؛ وأنشدوا:[المتقارب]
وثانيها: أنّه تنبيهٌ على أَنَّ الولد إنما يلتحق بالوالد؛ لكونه مولوداً على فراشه، على ما قاله - عليه الصَّلاة والسَّلام -: «الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» فكأنّه قال: إذا ولدت المرأة الولد