للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والتكليفُ: الإلزام، وأصله من الكلف، وهو الأثر من السَّواد في الوجه؛ قال: [البسيط]

١١٢٨ - يَهْدِي بِهَا أَكْلَفُ الخَدَّيْنِ مُخْتَبَرٌ ... مِنَ الْجِمَالِ كَثِيرُ اللَّحْمِ عَيْثُومُ

فمعنى «تَكَلَّفَ الأَمْرَ» ، أي: اجتهد في إظهار أثره.

وفلانٌ كَلِفٌ بكذا: أي مُغْرًى به.

و «الوُسْعُ» هنا ما يسع الإنسان فيطيق أخذه من سعة الملك أي الغرض، ولو ضاق لعجز عنه، فالسَّعة بمنزلة القدرة، ولهذا قيل: الوسع فوق الطَّاقة، والمراد منه: أنَّ أبا الصّبي لا يتكلّف الإنفاق عليه، وعلى أُمِّه، إلَاّ ما تتسع له قدرته، لأنَّ الوسع ما تتَّسع له القدرة، ولا يبلغ استغراق القدرة؛ وهو نظير قوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ الله لَا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلَاّ مَآ آتَاهَا} [الطلاق: ٧] .

فصل في احتجاج المعتزلة بالآية

تمسَّك المعتزلة بهذه الآية في أنَّ الله - تعالى - لا يكلّف العبد ما لا يقدر عليه.

وقوله: {لَا تُضَآرَّ} ابن كثير، وأبو عمرو: «لا تُضَارُّ» برفع الراء مشددةً، وتوجيهها واضح، لأنه فعلٌ مضارعٌ لم يدخل عليه ناصبٌ ولا جازمٌ فرفع، وهذه القراءة مناسبةٌ لما قبلها، من حيث إنه عطف جملة خبريّةٌ على خبرية مثلها من حيث اللفظ وإلَاّ فالأولى خبريةٌ لفظاً ومعنًى، وهذه خبريةٌ لفظاً نهييَّةٌ معنًى ويدل عليه قراءة الباقين كما سيأتي.

قال الكسائيُّ والفراء: هو نسقٌ على قوله: «لَا يُكَلِّفُ» .

قال عليبن عيسى: هذا غلطٌ؛ لأنَّ النَّسق ب «لا» إنَّما هو إخراج على إخراج الثَّاني مما دخل فيه الأوَّل نحو: «ضربتُ زيداً لا عمراً» فأمّا أن يقال: يقوم زيدٌ لا يقعد عمرو، فهو غير جائزٍ على النِّسق، بل الصواب أنَّه مرفوعٌ على الاستئناف في النَّهي كما يقال: لا تضرب زيداً لا تقتل عمراً.

وقرأ باقي السَّبعة: بفتح الراء مشدّدةً، وتوجيهها أنَّ «لا» ناهيةٌ، فهي جازمةٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>