قال القرطبي: في هذه الآية دليلٌ لمالك على أنَّ الحضانة للأم، وهي في الغلام إلى البلوغ، وفي الجارية إلى النِّكاح، وذلك حقٌّ لها.
وقال الشَّافعيُّ: إذ بلغ الولد ثماني سنين، وهو سنُّ التَّمييز، خيَّر بين أبويه، فإنه في تلك الحالة تتحرّك همّته لتعلُّم القرآن، والأدب، والعبادات، وذلك يستوي فيه الغلام والجارية.
وروى أبو هريرة:«أنَّ امرأَةً جاءت إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقالت له: إنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يذْهَبَ بابني، وقد سَقَانِي من بئرِ أبي عنبة وقد نفعني، فقال النَّبيُّ لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» اسْتَهِما عليه «فقال زوجها: من يحاقُّني في ولدي؟ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» هذا أبُوكَ، وهذه أُمُّكَ، فَخُذْ بِيد أيِّهمَا شِئْتَ «فأخذ بيد أُمه فانطلقت به» .
ودليلنا ما روى أبو داود، عن عبد الله بن عمرو: أَنَّ امرأةً قَالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّ ابني هذا كَانَتْ بَطْنِي له وِعَاء، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاء، وحِجْرِي لَهُ حِوَاء، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقني، وأراد أن ينزعه مني، فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«أَنْتِ أَحَقُّ به ما لم تُنْكَحِي» .
فصل من أحق بالحضانة إذا تزوجت الأم؟
قال ابن المنذر: أجمع كلُّ من نحفظ عنه من أهل العلم على ألَاّ حقَّ للأمّ في الولد إذا تزوَّجت.
وقال مالك، والشَّافعيُّ، والنُّعمان، وأبو ثور: إنَّ الجدَّة أُمَّ الأُمِّ أحقُّ بحضانة الولد، واختلفوا إذا لم يكن له أُمٌّ، وكانت له جدَّةٌ أمُّ أبٍ، فقال مالكٌ: أمُّ الأب أحقُّ إذا لم يكن للصَّبي خالةٌ. وقال الشَّافعيُّ: أمُّ الأب أحقُّ من الخالة.
فصل الحضانة للقادر على حقوق الولد
ولا حضانة لفاجرةٍ، ولا لضعيفة عاجزةٍ عن القيام بحقِّ الولد.