روي في «الصَّحِيحَينِ» : أنَّ سُبَيْعَة الأسلميَّة كانت تحت سعد بن خولة، فتوفِّي عنها في حجَّة الوداع، وهي حاملٌ، فولدت بعد وفات زوجها بنصف شهرٍ، فلمَّا طهرت من دمها تجمَّلت للخطَّاب، فدخل عليها أبو السَّنابل بن بعكك، رجلٌ من بني عبد الدَّار، فقال لها: ما لي أراك متجمِّلةً، لعلَّك تريدين النِّكاح، والله ما أنت بناكح حتَّى تمرَّ عليك أربعة أشهرٍ وعشرٌ، قالت سبيعة: فسألت النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن ذلك، قالت: فأفتاني بأنِّي قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتَّزويج، إن بدا لي.
ولا فرق في عدَّة الوفاة بين الصَّغيرة والكبيرة، وقال ابن عبَّاس: لا عدَّة عليها قبل الدُّخول.
فصل في عدة أم الولد المتوفى عنها سيدها
اختلفوا في عدَّة أمِّ الولد، إذا توفِّي عنها سيِّدها، فقال سعيد بن المسيَّب، والزُّهريُّ، والحسن البصريُّ، وجماعةٌ: عدَّتها أربعة أشهرٍ وعشرٌ، وبه قال الأوزاعيُّ، وإسحاق.
وروي عن عليٍّ، وابن مسعود: أن عدَّتها ثلاث حيضٍ، وهو قول عطاء وإبراهيم النَّخعيِّ وسفيان الثوريِّ وأصحاب الرَّأي.
قال مالكٌ: لا تنقضي عدَّتها في هذه المدَّة حتى ترى عادتها من الحيض في تلك المدَّة، مثل إن كانت عادتها أن تحيض في كلِّ شهر فعليها حيضتان، وإن كانت عادتها أن تحيض في كلِّ أربعة أشهر مرَّة، فهاهنا يكفيها الشُّهور، وهذا خلاف ظاهر الآية، فإن ارتابت، استبرأت نفسها من الرِّيبة؛ كما أنَّ ذات الأقراء، لو ارتابت وجب عليها أن تحتاط.
فصل
إذا مات الزوج، وقد بقي من شهر الوفاة أكثر من عشرة أيَّامٍ، فالشَّهر الثاني والثالث والرابع يؤخذ بالأهلَّة، سواءٌ خرجت ناقصةً أو كاملةً، ثم تكمل الشهر الأوَّل من الخامس ثلاثين يوماً، ثم تضمُّ إليها عشرة أيَّامٍ.
وإن مات، وقد بقي من الشَّهر أقلُّ من عشرة أيامٍ، اعتبر أربعة أشهر بعد ذلك بالأهلَّة، وكمل العشرين من الشَّهر السادس.