سبيل الاستعارة؛ كقولهم: «خَرَجْنَا لَيَالِيَ الفِتْنَةِ، وجئنا لياليَ إِمَارَة الحَجَّاج» .
الخامس: أنَّ المراد بها الليالي، وإليه ذهب الأوزاعيُّ وأبو بكر الأصمُّ، وبعض الفقهاء قالوا: إذا انقضى لها أربعة أشهرٍ وعشر ليالٍ، حلَّت للأزواج.
فصل
لما ذكر الله تعالى عدَّة الطلاق، واتصل بذكرها ذكر الرَّضاع، ذكر عدَّة الوفاة أيضاً؛ لئلَاّ يتوهَّم أن عدة الوفاة مثل عدَّة الطلاق.
فصل فيمن تستثنى من هذه العدَّة
هذه العدَّة واجبةٌ على كلِّ امرأةٍ مات عنها زوجها، إلَاّ في صورتين:
الأولى: أن تكون أمَةً، فإنَّها تعتدُّ عند أكثر الفقهاء نصف عدة الحرَّة.
وقال أبو بكر الأصمُّ: عدتها عدَّة الحرَّة؛ لظاهر هذه الآية، ولأن الله تعالى جعل وضع الحمل في حقِّ الحامل بدلاً عن هذه المُدَّة؛ فوجب أن يشتركا فيه.
وأجاب الفقهاء بأنَّ التنصيف في هذه المدة ممكنٌ، وفي وضع الحمل غير ممكن، فظهر الفرق.
الصُّورة الثانية: أن تكون حاملاً، فعدَّتها بوضع الحمل، ولو كان بعد وفاة الزَّوج بلحظة.
وعن عليٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: أن تتربّصن بأبعد الأجلين.
واستدلَّ الجمهور بقوله تعالى: {وَأُوْلَاتُ الأحمال أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] .
فإن قيل: هذه الآية إنما وردت عقيب ذر المطلَّقات؛ [فيكون للمطلَّقات] لا للمتوفَّى عنها زوجها.
فالجواب: أنَّ دلالة الاقتران ضعيفةٌ، والاعتبار إنَّما هو بعموم اللفظ.
وأيضاً: قال عبد الله بن مسعود: «أُنْزِلَتْ سورةُ النِّساء القُصْرَى بعد الطُّولى» أراد بالقصرى «سُورَة الطَّلَاقِ» ، وبالطُّولى «سُورَة البَقَرَةِ» ، وأراد به قوله تعالى في سورة الطلاق: {وَأُوْلَاتُ الأحمال أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} نزلت بعد قوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} فحمله على الفسخ، وعامَّة الفقهاء خصُّوا الآية بحديث سبيعة، وهو ما