والتقدير: وإن طلقتموهن فارضين لهن، أو مفروضاً لهنَّ، و «فَرِيضَة» فيها الوجهان المتقدمان.
والفاء في «فَنِصْفُ» جواب الشرط، فالجملة في محلِّ جزمٍ؛ جواباً للشرط، وارتفاع «نِصْفُ» على أحد وجهين: إمَّا الابتداء، والخبر حينئذٍ محذوفٌ، وإن شئت قدَّرته قبله، أي: فعليكم أو فلهنَّ نصف، وإن شئت بعده، أي: فنصف ما فرضتم عليكم - أو لهنَّ - وإمَّا على خبر مبتدأ محذوف، تقديره: فالواجب نصف.
وقرأت فرقةٌ: فَنِصْفَ «بالنصب على تقدير:» فَادْفَعُوا، أَوْ أَدُّوا «، وقال أبو البقاء:» ولو قُرِئَ بالنصبِ، لكان وجهه فَأَدَّوا [نِصْفَ]«فكأنه لم يطَّلع عليها قراءة مرويَّةً.
والجمهور على كسر نون» نِصْف «، وقرأ زيدٌ وعليٌّ، ورواها الأصمعيُّ قراءة عن أبي عمرو:» فَنُصْف «بضمِّ النون هنا، وفي جميع القرآن، وهما لغتان، وفيه لغةٌ ثالثة:» نَصِيف «بزيادة ياءٍ، ومنه الحديث:» مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ «.
والنَّصيف - أيضاً -: القناع، قاله القرطبي، والنِّصف: الجزء من اثنين، يقال: نصف الماء القدح، أي: بَلَغَ نِصْفَهُ، ونَصَفَ الإزار السّاق، وكلُّ شيءٍ بلغ نصف غيره، فقد نصفه.
قوله تعالى:{إَلَاّ أَن يَعْفُونَ} في هذا الاستثناء وجهان:
أحدهما: أن يكونَ استثناءً منقطعاً، قال ابن عطيَّة وغيره: لأنَّ عَفْوَهُنَّ عَنِ النِّصْفِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَخْذِهِنَّ» .
والثاني: أنه متصلٌ، لكنه من الأحوال؛ لأَنَّ قوله:«فنصفُ ما فَرَضْتُمْ» معناه: فالواجبُ عليكم نصفُ ما فَرَضْتُمْ في كلِّ حال، إلا في حال عَفْوِهِنَّ، فإنه لا يجب، وإليه نَحَا أبو البقاء، وهذا ظاهرٌ، ونظيرُه:{لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَاّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ}[يوسف: ٦٦] وقال