وقرأ ابن أبي إسحاق:«تَعْفُونَ» بتاءِ الخطابِ، ووجهها الالتفاتُ من ضميرِ الغَيبة إلى الخطابِ، وفائدةُ هذا الالتفاتِ التحضيضُ على عَفْوِهنَّ، وأنه مندوبٌ.
و «يَعْفُونَ» منصوبٌ ب «أَنْ» تقديراً؛ فإنَّه مبنيٌّ؛ لاتصاله بنونِ الإِناثِ، هذا رأيُ الجمهور، وأمَّا ابن درستويه، والسُّهَيْليُّ: فإنه عندهما معربٌ، وقد فَرَّق الزمخشريُّ وأبو البقاء بين قولك:«الرِّجَالُ يَعْفُونَ» و «النِّسَاءُ يَعْفُونَ» وإنْ كان [هذا] من الواضحاتِ بأنَّ قولك «الرِّجَالُ يَعْفُونَ» الواو فيه ضميرُ جماعة الذكور، وحُذف قبلها واوٌ أخرى هي لام الكلمة، فإن الأصل:«يَعْفُوونَ» ، فاسْتُقْقلت الضمةُ على الواوِ الأولى، فحُذِفت، فبقيت ساكنةً، وبعدها واو الضمير أيضاً ساكنةٌ، فحُذِفت الواو الأولى؛ لئلَاّ يلتقي ساكنان، فوزنهُ «يَعْفُونَ» ، والنونُ علامة الرفع؛ فإنه من الأمثلةِ الخمسةِ - وأَنَّ قولك:«النِّسَاءُ يَعْفُونَ» ، الواوُ لامُ الفعل، والنون ضميرُ جماعةِ الإِناثِ، والفعل معها مبنيٌّ، لا يظهرُ للعامِل فيه أَثَرٌ قال شهاب الدين: وقد ناقش الشيخ الزمخشريُّ بأنَّ هذا من الواضحات التي بأدنى قراءة في هذا العلم تُعْرَفُ، وبأنه لم يبيِّنْ حذف الواو من قولك:«الرِّجَالُ يَعْفُونَ» ، وأنه لم يذكُرْ خلافاً في بناء المضارع المتَّصلِ بنون الإناث، وكُلُّ هذا سهلٌ لا ينبغي أن يُناقَشَ بمثله.
وقوله تعالى:{أَوْ يَعْفُوَاْ الذي}«أَوْ» هنا فيها وجهان:
أحدهما: هي للتنويع.
والثاني: أنها للتخيير، والمشهورُ فتحُ الواو؛ عطفاً على المنصوبِ قبله، وقرأ