للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: قوله تعالى: {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ} [الأحزاب: ٣١] وقال: {فالصالحات قَانِتَاتٌ} [النساء: ٣٤] فالقنوت عبارةٌ عن كمال الطَّاعة، وإتمامها والاحتراز عن إيقاع الخلل في أركانها. قال الكلبيُّ، ومقاتلٌ: لكلِّ أهل دينٍ صلاةٌ يقومون فيها عاصين فقوموا أنتم لله في صلاتكم مطيعين.

وقيل: القنوت: السكوت، وهو قول ابن مسعود، وزيد بن أرقم، قال زيد بن أرقم: كنَّا نتكلّم في الصلاة، فيسلِّم الرجل؛ فيردون عليه ويسألهم كيف صليتم؟ كفعل أهل الكتاب. فنزل قوله تعالى: {وَقُومُواْ للَّهِ قَانِتِينَ} فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام.

وقال مجاهد: القنوت: عبارةٌ عن الخشوع، وخفض الجناح، وسكون الأطراف، وترك الالتفات من هيبة الله، وكان العلماء إذا قام أحدهم يصلي، يهاب الرحمن، فلا يلتفت أو يقلب الحصى، أو يعبث، أو يحدّث نفسه بشيءٍ من أمر الدنيا ناسياً حتى ينصرف.

وقيل: القنوت: عبارة عن طول القيام.

قال جابر: سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أيُّ الصَّلاة أفضل؟ قال: طول القنوت، يريد طول القيام.

قال ابن الخطيب: وهذا القول ضعيفٌ؛ وإلَاّ صار تقدير الآية: وقوموا لله قائمين؛ اللَّهم إلَاّ أن يقال: وقوموا لله مديمين لذلك القيام؛ فيصير القنوت مفسَّراً بالإدامة، لا بالقيام.

وقيل: القنوت في اللغة: عبارةٌ عن الدوام على الشيء، والصَّبر عليه والملازمة له.

وفي الشريعة مختصٌّ بالمداومة على طاعة الله تعالى؛ وهو اختيار عليٍّ بن عيسى، وعلى هذا يدخل فيه جميع ما قاله المفسِّرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>