قوله:«قَانِتِينَ» حالٌ من فاعل «قُومُوا» و «لِلَّهِ» يجوز أن تتعلَّق اللام ب «قُومُوا» ، ويجوز أن تتعلَّق ب «قَانِتِينَ» ، ويدلُّ للثاني قوله تعالى:{كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ}[البقرة: ١١٦] . ومعنى اللام التعليل.
فصل
قال أبو عمرو: أجمع المسلمون على أنّ الكلام، عامداً في الصلاة، إذا كان المسلم يعلم أنّه في صلاةٍ، ولم يكن ذلك في إصلاح صلاته أنّه يفسد الصلاة، إلاّ ما روي عن الأوزاعي أنّه قال إن تكلم في الصَّلاة لإحياء نفسٍ، ونحوه من الأمور الجسام، لم يفسد ذلك صلاته.
واختلفوا في كلام السَّاهي، فقيل: لا يفسد الصلاة.
وقيل: يفسدها.
وقال مالكٌ: إذا تكلم عامداً لمصلحة الصَّلاة، لم تفسد، وهو مذهب أحمد.
قوله تعالى:{فَإنْ خِفْتُمْ} .
قال الواحديُّ: معنى الآية: فإن خفتم عدوّاً، فحذف المفعول لإحاطة العلم به.
وقال الزمخشريُّ:«فإن كان لكم خوفٌ من عَدُوٍّ، أو غيرِه» فهو أصحُّ؛ لأن هذا الحكم ثابتٌ عند حصول الخوف، سواءٌ كان الخوف من عدوٍّ، أو غيره.
وقيل: المعنى: فإن خفتم فوات الوقت، إذا أَخَّرْتُمُ الصلاة إلى أن تفرغوا من حربكم، فصلُّوا رِجالاً، أو ركْبَاناً، وعلى هذا التقدير الآية تدلُّ على تأكيد فرض الوقت؛ حتى يترخَّص لأجل المحافظة عليه في ترك القيام، والركوع، والسجود.
قوله تعالى:{فَرِجَالاً} : منصوبٌ على الحال، والعامل فيه محذوفٌ، تقديره:«فَصَلُّوا رِجَالاً، أو فحَافِظُوا عَلَيْهَا رِجَالاً» وهذا أولى؛ لأنه من لفظ الأول.
و «رِجَال» جمع راجلٍ؛ مثل قيامٍ وقائم، وتجارٍ وتاجرٍ، وصِحَابٍ وصاحب، يقال منه: رَجِلَ يَرْجَلُ رَجْلاً، فهو رَاجِلٌ، ورَجُل بوزن عضدٍ، وهي لغة الحجاز. يقولون: رَجِلَ فُلَانٌ، فهو رَجُلٌ، ويقال: رَجْلَان ورَجِيلٌ؛ قال الشاعر:[الطويل]