الرَّجل لغيره يريد تعريفه ابتداء:«ألم تر إلى ما جرى على فلان؟» .
قال القرطبيُّ: والمعنى عند سيبويه: تنبُّه إلى أمر الذين، ولا تحتاج هذه الرواية إلى مفعولين والمخاطب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أو كل سامع، إلَاّ أنَّه قد وقع الخطاب معه ابتداءً كقوله:{ياأيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء}[الطلاق: ١] ويجوز أن يكون المراد بهذا الاستفهام: التعجب من حال هؤلاء، وأكثر ما يرد كذلك:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين تَوَلَّوْاْ قَوْماً}[المجادلة: ١٤]{أَلَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظل}[الفرقان: ٤٥] ؛ وقال الشاعر:[الطويل]
والرُّؤية هنا علميَّة، فكان من حقِّها أن تتعدَّى لاثنين، ولكنَّها ضمِّنت معنى ما يتعدَّى بإلى.
والمعنى: ألم ينته علمك إلى كذا. وقال الرَّاغب:«رأيت: يتعدَّى بنفسه دون الجارِّ، لكن لما استعير قولهم:» ألم تَرَ «بمعنى ألم تنظر؛ عدِّي تعديته، وقلَّما يستعمل ذلك في غير التقدير، لا يقال: رأيت إلى كذا» .
وقرأ السُّلمي:«تَرْ» بسكون الرَّاء، وفيها وجهان:
أحدهما: أنه توهَّم أنَّ الراء لام الكلمة، فسكَّنها للجزم؛ كقوله:[الرجز]
وقيل: هي لغة قومٍ، لم يكتفوا في الجزم بحذف حرف العلَّة.
والثاني: أنه أجرى الوصل مجرى الوقف، وهذا أولى، فإنَّه كثيرٌ في القرآن؛ نحو:«الظُّنُونَا» ، و «الرَّسُولَا» ، و «السَّبِيلَا» ، و «لَمْ يَتَسَنَّهُ» ، و «بِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ» وقوله: «وَنُصْلِهِ» ، و «نُؤْتِهِ» ، و «يُؤَدِّه» ، وسيأتي ذلك، إن شاء الله تعالى.
قوله:{وَهُمْ أُلُوفٌ} مبتدأٌ وخبرٌ، وهذه الجملة في [موضع] نصب على الحال، وهذا أحسن مجيئها، إذ قد جمع فيها بين الواو والضمير، و «أُلوفٌ» فيه قولان:
أظهرهما: أنه جمع «ألْف» لهذا العدد الخاصِّ، وهو جمع الكثرة، وجمع القلّة: آلاف كحمول، وأحمال.