والثاني: أنه جمع «آلِف» على فاعل كشاهدٍ وشهود، وقاعدٍ وقُعودٍ، أي: خرجوا وهم مؤتلفون، قال الزَّمخشريُّ:«وهذا من بِدَع التَّفاسير» .
قوله تعالى:{حَذَرَ الموت} أي من خوف الموت وهو مفعولٌ من أجله، وفيه شروط النَّصب، أعني المصدرية، واتحاد الفاعل، والزمان.
قوله:{ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه معطوفٌ على معنى: فقال لهم الله: موتوا، لأنَّه أمرٌ في معنى الخبر تقديره: فأماتهم الله ثم أحياهم.
والثاني: أنه معطوفٌ على محذوفٍ، تقديره: فماتوا ثم أحياهم بعد موتهم، و «ثم» تقتضي تراخي الإحياء عن الإماتة. وألف «أَحْيَا» عن ياء؛ لأنَّه من «حَيِيَ» ، وقد تقدَّم تصريف هذه المادّة عند قوله:{إِنَّ الله لَا يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً}[البقرة: ٢٦] .
فصل
قال السُّدِّيُّ وأكثر المفسرين:«كانت قرية يقال لها:» دَاوْردَان «قيل واسط، وقع بها الطَّاعون، فخرج عامَّة أهلها، وبقيت طائفةٌ، فهلك أكثر الباقين وبقي منهم بقيَّةٌ في المرض والبلاء، فلما ارتفع الطَّاعون؛ رجع الَّذين هربوا سالمين فقال من بَقِيَ من المرضى: هؤلاء أحزم منّا، لو صنعنا كما صنعوا لنجونا، ولئن وقع الطَّاعون ثانيةً لنخرجنّ إلى أرض لا وباء فيها، فوقع الطاعون من قابِلٍ؛ فهرب عامَّة أهلها، وهم بضعةٌ وثلاثون ألفاً؛ حتى نزلوا وادياً أفيح فلمّا نزلوا المكان الذين يبتغون فيه النَّجاة، ناداهم ملك من أسفل الوادي، وآخر من أعلاه:» أنْ مُوتُوا «فماتوا جميعاً وبليت أجسامهم، فمرَّ بهم نبيٌّ يقال له:» حِزْقِيل بن يوذي «: ثالث خلفاء بني إسرائيل، بعد موسى - عليه الصَّلاة والسَّلام -، وذلك أن القيم بعد موسى بأمر بني إسرائيل يُوشَعُ بْنُ نُون ثم كالب بن يوفنا، ثم حزقيل، وكان يقال له: ابن العجوز؛ لأنَّه أمَّه كانت عجوزاً، فسألت الله الولد بعدما كبرت، وعقمت، فوهبه الله لها» .
قال الحسن، ومقاتل: هو ذو الكفل، وسمِّي: ذا الكفل؛ لأنَّه تكفَّل بسبعين نبيّاً، وأنجاهم من القتل، فلمَّا مرَّ حزقيل على أولئك الموتى، وقف متفكّراً فيهم متعجِّباً، فأوحى الله إليه أتريد أن أُريك آيةً؟ قال: نعم، فقيل له: نادِ! يَا أَيُّهَا العِظَامُ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكِ أن تَجْتَمِعِي، فجعلتِ العِظَامُ يَطِيرُ بعضها إلى بعض، حتى تمّت العِظَامُ، ثم أوحى اللهُ