للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إليه ثانياً أن ينادي: يا أيَّتُها العِظَامُ؛ إنَّ اللهَ يأمرك أنَّ تَكْتَسِي لحماً ودماً، ثم نادي: إنَّ اللهَ يأمرك أن تَقُومي؛ فقامت، فلمَّا صاروا أحياءً قاموا، وكانوا يقولون: «سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ» ثم رجعوا إلى قريتهم، بعد حياتهم، وكانت أمارات موتهم ظاهرةً في وجوههم، ثمَّ بقوا إلى أن ماتوا بعد ذلك بحسب آجالهم.

روى عبد الله بن عامر بن ربيعة أنَّ عمر بن الخطَّاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: خرج إلى الشَّام، فلمَّا جاء «سَرْغَ» بلغه أنَّ الوباء قد وقع بالشَّام؛ فأخبره عبد الرحمن بن عوف: أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:

«إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضِ فَلَا تَقْدُمُوا عَلَيْهِ، وإذا وَقَعَ بِأَرْضٍ وأَنْتُمْ بِهَا؛ فَلَا تَخْرُجُوا فِرَاراً» ؛ فرجع عمر من «سرغ» .

وقال ابن عبَّاس، والكلبيُّ ومقاتل والضَّحَّاك: إنَّ ملكاً من ملوك بني إسرائيل أمر عسكره بالقتال؛ فخافوا القتال، وجبنوا، وكرهوا الموت، فاعتلُّوا، وقالوا لملكهم: إنَّ الأرض التي تذهب إليها بها الوباء، فلا نأتيها حتى يزول ذلك الوباء منها؛ فأرسل الله عليهم الموت؛ فخرجوا من ديارهم فراراً من الموت، فلما رأى الملك ذلك قال: اللَّهمّ ربّ يعقوب، وإله موسى، وهارون قد ترى معصية عبادك، فأرهم آيةً في أنفسهم، حتى يعلموا أنَّهم لا يستطيعون الفرار منك، فلمَّا خرجوا قال لهم الله «مُوتُوا» ، فماتوا جميعاً، وماتت دوابهم كموت رجل واحدٍ، وبقوا ثمانية أيَّام، حتَّى انتفخوا وأروحت أجسادهم، وبلغ بني إسرائيل موتهم، فخرجوا لدفنهم؛ فعجزوا لكثرتهم، فحظروا عليهم حظائر دون السِّباع، فأحياهم الله بعد الثمانية أيَّام، وبقي فيهم شيءٌ من ذلك النتن، وفي أولادهم إلى هذا اليوم.

واحتجُّوا على هذه الرِّواية بقوله عقيب ذلك: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٤٤] وقال مقاتل والكلبي كانوا قوم حزقيل، أحياهم الله تعالى بعد ثمانية أيَّام، وذلك أنه لمَّا أصابهم ذلك، خرج حزقيل في طلبهم، فوجدهم موتى؛ فبكى وقال: «يا ربِّ؛ كُنْتُ من قومٍ يحمدونَكَ ويسبِّحُونَكَ ويقدِّسُونَكَ، ويكبِّرُونَكَ، ويهللونَكَ؛ فبقيت واحداً لا قوم

<<  <  ج: ص:  >  >>