قوله تعالى:{لِنَبِيٍّ} متعلِّقٌ ب «قالوا» واللامُ فيه للتبليغ، و «لهم» متعلقٌ بمحذوفٍ لأنه صفةٌ لنبي، ومحلُّه الجرُّ، و «ابعَثْ» وما في حيَّزه في محلِّ نصبٍ بالقولِ. و «لنا» الظاهرُ أنه متعلِّقٌ بابعَثْ، واللامُ للتعليلِ أي: لأجلِنا.
قوله:{نُّقَاتِلْ} الجمهورُ بالنونِ والجزم على جواب الأمر. وقرئ بالياء والجزم على ما تقدَّم، وابن أبي عبلة بالياءِ ورفعِ اللام على الصفةِ لملكاً، فمحلُّها النصبٌ أيضاً. [وقرئ بالنونِ ورفع اللام على أنها حالٌ من «لنا» فمحلُّها النصبُ أيضاً] أي: ابعَثْه لنا مقدِّرين القتال، أو على أنها استئنافُ جوابٍ لسؤالٍ مقدَّرٍ كأنه قال لهم: ما يَصْنعون بالملكِ؟ فقالوا نقاتِلْ.
قوله:{هَلْ عَسَيْتُمْ} عسى واسمها، وخبرها «أَنْ لا تقاتِلوا» والشرطُ معترضٌ بينهما، وجوابهُ محذوفٌ للدلالة عليه، وهذا كما توسَّط في قوله:{وَإِنَّآ إِن شَآءَ الله لَمُهْتَدُونَ}[البقرة: ٧٠] ، وهذا على رأي مَنْ يَجْعَلُ «عسى» داخلةً على المبتدأ والخبر، ويقولُ إنَّ «أَنْ» زائدةٌ لئلا يُخْبَرَ بالمعنى عن العين. وأمّا مَنْ يرى أنّها تُضَمَّنُ معنى فعل متعدٍّ فيقول:«عَسَيْتم» فعلٌ وفاعلٌ، و «أَنْ» وما بعدها مفعولٌ به تقديره: هل قارَبْتُم عدم القتالِ، فهي عنده ليسَتْ من النواسخِ، والأولُ هو المشهورُ.
وقرأ نافع «عَسِيْتُم» هنا وفي القتال: بكسر السينِ، وهي لغةٌ مع تاءِ الفاعلِ مطلقاً ومع ن [ومع] نونِ الإناثِ نحو: عَسِينا وعَسِين، وهي لغةُ الحجاز، ولهذا غَلِطَ مَنْ قال:«عسى تُكْسَرُ مع المضمر» وأَطْلَقَ، بل كان ينبغي له أن يُقَيِّدَ الضمير بما ذكرنا، إذ لا يقال: الزيدان عَسِيا والزيدون عَسِيوا بالكسرِ البتة.
وقال الفارسي:«ووجهُ الكسرِ قولُ العربِ:» هو عَس بكذا «مثل: حَرٍ وشَج، وقد جاء فَعَل وفَعِل في نحو: نَقَم ونَقِم، فكذلك عَسَيْتُ وعَسِيْتُ، فإِنْ أُسْنِدَ الفعلُ إلى ظاهرٍ فقياسُ عَسِيتم - أي بالكسر - أن يقال:» عَسِيَ زيدٌ «مثل:» رَضِي زيدٌ «.
فإن قيل: فهو القياسُ، وإِنْ لم يُقَلْ فسائِغٌ أن يُؤْخَذَ باللغتين، فتُسْتَعملَ إحداهما موضعَ الأخرى كما فُعِل ذلك في غيره» فظاهرُ هذه العبارة أنه يجوز كسرُ سينِها مع الظاهِر بطريق القياسِ على المضمرِ، وغيرهُ من النحويين يمنعُ ذلك حتى مع المضمر مطلقاً، ولكن لا يُلتفت إليه لورودِه متواتراً، وظاهرُ قوله «قولُ العرب: عَسٍ» أنه مسموعٌ منهم