للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الأُردن وفلسطين قال القاضي: والتوفيقُ بين القولين: أَنَّ النَّهر المُمتد من بلدٍ إلى بلدٍ قد يُضافُ إلى أحد البلدين. وروى الزَّمخشريُّ أَنَّ الوقت كان قيظاً، فسلكوا مفازةً فسألوا أَنْ يجري اللهُ لهم نهراً، فقال: إِنَّ اللهَ مبتليكم بما اقترحتُمُوهُ مِنَ النَّهرِ.

قوله: {إِلَاّ مَنِ اغترف} منصوبٌ على الاستثناء، وفي المُستَثنى منه وجهان:

الصَّحيح أَنَّهُ الجملةُ الأولى، وهي: {فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} ، والجملةُ الثانيةُ معترِضةٌ بين المُستَثنى والمُستَثنى مِنْهُ وأصلُها التَّأخيرِ، وإِنَّما قُدِّمَتْ، لأنها تَدلُّ عليها الأولى بطريقِ المفهوم، فإنَّه لمَّا قال تعالى: {فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} ، فُهِمَ منه أَنَّ من لم يشرب فإنَّه منه، فَلَمَّا كانت مدلولاً عليها بالمفهوم، صارَ الفصلُ بها كلا فصلٍ.

وقال الزمخشريُّ: والجُمْلَةُ الثَّانيةُ في حُكم المُتَأَخِّرة، إلَاّ أَنَّها قُدِّمَتْ للعناية، كما قُدِّمَتْ للعناية، كما قُدِّمَ «والصَّابِئُونَ» في قوله: {إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ والصابئون} [المائدة: ٦٩] .

والثاني: أَنَّهُ مستثنى من الجملة الثَّانية، وإليه ذهب أبو البقاء. قال شهاب الدين: وهذا غيرُ سديدٍ لأنه يؤدِّي إلى أَنَّ المعنى: ومَنْ لم يطعمْه فإِنَّهُ مِنِّي، إلَاّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرفة بيده؛ فإنه ليس مني، لأَنَّ الاسْتثناء من النَّفْي إثباتٌ، ومن الإِثبات نفيٌ، كما هو الصَّحيحُ، ولكن هذا فاسدٌ في المعنى؛ لأنهم مفسوحٌ لهم في الاغترافِ غرفةً واحدةً.

والاستثناءُ إذا تعقَّبَ الجُمَلَ، وصلح عَوْدُهُ على كلٍّ منها هل يختصُّ بالأخيرة، أم لا؟

خلافٌ مشهورٌ، فإنْ دلَّ دليلٌ على اختصاصِهِ بإحدى الجُمَلِ عمِلَ به، والآيةُ من هذا القبيل، فإنَّ المعنى يعودُ إلى عودِهِ إلى الجُملة الأولى، لا الثَّانية لِمَا قَرَّرْنَاهُ.

وقرأ الحرمِيَّان وأبو عمرو: «غَرْفَة» بفتح الغين وكذلك يعقوب وخلفٌ. والباقون بضمها. فقيل: هما بمعنى المصدر، إلَاّ أنهما جاءا على غير الصَّدر كنبات من أَنْبَتَ، وَلَوْ جاءَ على الصَّدر لقيل: اغترافاً. وقيل: هما بمعنى المُغْتَرف كالأَكل بمعنى المأكولِ. وقيل: المَفْتُوح مصدرٌ قُصِدَ به الدَّلالة على الوحدةِ، فإنَّ «فَعْلَة» يدُلُّ على المَرَّة الواحدة، ومثله الأكلة يقال فلان يأكل بالنهار أكلة واحدة والمضمُومُ بمعنى المفعول، فحيثُ جعلتهما مَصْدراً فالمفعولُ [محذوفٌ، تقديره: إلَاّ مَن اغترف ماءً، وحيثُ جعلتهما بمعنى المفعول] كانا مفعولاً به، فَلا يُحتاج إلى تقديرِ مَفْعُولٍ.

ويدل على الشَّيء الَّذي يحصُلُ بالكَفِّ كاللُّقمة والحُسْوة والخُطوةِ بالضم،

<<  <  ج: ص:  >  >>