للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأيضاً فإِنَّهُم أدغموا: {يَأْتِيَ يَوْمٌ} [البقرة: ٢٥٤] وهو نظيرُ: {فِي يَوْمٍ} [إبراهيم: ١٨] و {الذى يُوَسْوِسُ} [الناس: ٤] بعين ما عَلَّلوا به.

وشرطُ هذا الإِدغام في هذا الحرف عند أبي عمرو ضمُّ الهاءِ، كهذه الآية، ومثله: {هُوَ والملائكة} [آل عمران: ١٨] {هُوَ وَجُنُودُهُ} [القصص: ٣٩] ، فلو سكنت الهاءُ؛ امتنع الإِدغامُ نحو {وَهُوَ وَلِيُّهُمْ} [الأنعام: ١٢٧] ولو جرى فيه الخلافُ أيضاً لم يكن بعيداً، فله أُسوة بقوله: {خُذِ العفو وَأْمُرْ} [الأعراف: ١٩٩] بل أولى لأَنَّ سكون هذا عارضٌ بخلافِ:» الْعفوَ وأمر «.

قوله تعالى: {والذين آمَنُواْ مَعَهُ} .

ليس المراد منه المعيّة في الإِيمان، لأنَّ إيمانهم لم يكُن مع إِيمان طَالُوت، بل المراد: أَنَّهم جاوزا النَّهر معه لأَنَّ لفظ «مع» لا تقتضي المعيَّة لقوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْراً} [الشرح: ٥] واليسر لا يكون مع العسر.

قوله: {لَا طَاقَةَ لَنَا اليوم} [لنَا] هو: خبر «لا» ، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، ولا يجوزُ أن يتعلَّقَ بطاقة، وكذلك ما بعده من قوله «اليَومَ» و «بِجَالُوتَ» ؛ لأنه حينئذٍ يصير مُطَوَّلاً والمُطَوَّلُ ينصبُ منوناً، وهذا كما تراهُ مبنياً على الفتح، بل «اليَوْمَ» و «بِجَالُوتَ» متعلِّقان بالاستقرار الَّذي تعلَّق به «لنَا» .

وأجاز أبو البقاء: أن يكون «بِجَالُوتَ» هو خبرَ «لا» ، و «لنَا» حينئذٍ: إِمَّا تبيينٌ أو متعلِّقٌ بمحذوف على أَنَّه صفةٌ لطاقة.

والطَّاقةُ: القُدرةُ وعينُها واو؛ لأَنَّها مِنَ الطَّوقِ وهو القُدرةُ، وهي مصدرٌ على حذفِ الزَّوائدِ، فإِنَّها من «أَطَاقَ» ونظيرها: أجَابَ جابةً، وأَغَارَ غارةً، وَأَطَاعَ طَاعةً.

و «جالوت» اسمٌ أعجميٌّ ممنوعُ الصرفِ، لا اشتقاقَ له، وليس هو فَعَلوتاً من جال يَجُول، كما تقدَّم في طَالُوت، ومثلهما داود.

قوله: {كَم مِّن فِئَةٍ} «كَمْ» خبريةٌ، فإنَّ معناها التَّكثيرُ، ويدلُّ على ذلك قراءة أبي: «وكَائِن» ، وهي للتكثير، ومحلُّها الرَّفعُ بالابتداء، و «مِنْ فِئَةٍ» تمييزُها، و «مِنْ» زائدةٌ فيه. وأكثرُ ما يجيءُ مميِّزها، ومميِّز «كَائِن» مجروراً بمِنْ، ولهذا جاء التنزيلُ على ذلك، وقد تُحْذفُ «مِنْ» فيُجَرُّ مميِّزها بالإِضافة لا بمِنْ مقدرةً على الصَّحيح، وقد يُنصَبُ حَمْلاً على مُميِّز «كَم» الاستفهامية، كما أَنَّهُ قد يُجَرُّ مميِّز الاستفهاميّةِ حَمْلاً عليها، وذلك بشروطٍ ذكرها النُّحاةُ.

قال الفرَّاء: لو ألغيت «مِنْ» ها هنا جاز فيه الرَّفع والنَّصبُ والخفضُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>