للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

واعلم أنه يقال: وَسِعَ فلاناً الشَّيء يَسعهُ سَعَةً إذا احتمله وأطاقه وأمكنه القيام به، ولا يسعك هذا أي: لا تطيقه ولا تحتمله، ومنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «لَوْ كَانَ مُوسَى حَيّاً مَا وَسِعَهُ إِلَاّ اتِّبَاعِي» أي: لا يحتمل غير ذلك.

والكُرْسِيُّ: الياء فيه لغير النَّسب، واشتقاقه من الكِرْسٍ، وهو الجمع؛ ومنه الكُرَّاسة للصَّحائف الجامعة للعلم؛ ومنه قول العجَّاج: [الرجز]

١١٧٨ - يَا صَاحِ، هَلْ تَعْرِفُ رَسْماً مُكْرَسا؟ ... قَالَ: نَعَمْ، أَعْرِفُهُ وَأَبْلَسَا

وقيل: أصله من تراكب الشَّيء بعضه على بعض، ومنه الكرس أبوال الدَّوابِّ وأبعارها يتلبد بعضها فوق بعض. [وأكرست الدَّار: إذا كثرت الأبعار والأبوال فيها، وتلبَّد بعضها فوق بعض] ، وتكارس الشَّيء: إذا تركب ومنه الكرَّاسة، لتركب بعض الأوراق على بعضٍ. و «الكُرْسِيُّ» هو هذا الشَّيء المعروف لتركب خشباته بعضها فوق بعضٍ.

وجمعه كراسيّ كبُخْتِيّ وبَخَاتِيّ، وفيه لغتان: أشهرهما ضمُّ كافه، والثانية كسرها، وقد يعبَّر به عن الملك؛ لجلوسه عليه، تسميةً للحالِّ باسم المحلِّ؛ ومنه: [الرجز]

١١٧٩ - قَدْ عَلِمَ القُدُّوسُ مَوْلَى القُدْسِ ... أَنَّ أَبَا العَبَّاسِ أَوْلَى نَفْسِ

في مَعْدِنِ المَلْكِ القَدِيمِ الكُرْسِي ... وعن العلم؛ تسميةً للصفة باسم مكان صاحبها؛ ومنه قيل للعلماء: «الكَرَاسِيّ» ؛ قال القاتل: [الطويل]

١١٨٠ - يَحُفُّ بِهِمْ بِيضُ الوُجُوهِ وَعُصْبَةٌ ... كَرَاسِيُّ بِالأَحْدَاثِ حِينَ تَنُوبُ

وصفهم بأنهم عالمون بحوادث الأمور، ونوازلها؛ ويعبَّر به عن السَّرِّ، قال: [البسيط]

١١٨١ - مَا لِي بِأَمْرِكَ كُرْسِيٌّ أُكَاتِمُهُ ... وَلَا بِكُرْسِيِّ - عَلْمَ اللهُ - مَخْلُوقِ

وقيل: الكرسيُّ لكلِّ شيء: أصله.

فصل في حقيقة «الكُرْسِيّ»

واختلفوا فيه على أربعة أقوال:

<<  <  ج: ص:  >  >>