وأجاب من ادَّعى التّذكير عن هذا الاستدلال بأنَّه إنما أنَّث هنا؛ لإرادة الآلهة وقال آخرون: ويكون مذكراً، ومؤنثاً، وواحداً وجمعاً قال تعالى في المذكر والواحد:{يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت وَقَدْ أمروا أَن يَكْفُرُواْ بِهِ}[النساء: ٦٠] قوال في المؤنث: {والذين اجتنبوا الطاغوت أَن يَعْبُدُوهَا}[الزمر: ١٧] وقال في الجمع: {يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ النور إِلَى الظلمات}[البقرة: ٢٥٧] . واشتقاقه من طغَى يَطْغَى، أو من طَغَا يَطْغُو، على حسب ما تقدَّم أول السورة، هل هو من ذوات الواو أو من ذوات الياء؟ وعلى كلا التّقديرين، فأصله طَغَيُوت، أو طَغَوُوت لقولهم:» طُغْيان «في معناه، فقلبت الكلمة بأن قدِّمت اللاّم وأُخِّرت العين، فتحرَّك حرف العلَّة، وانفتح ما قبله فقلب ألفاً، فوزنه الآن فلعوت، وقيل: تاؤه ليست زائدةً، وإنَّما هي بدلٌ من لام الكلمة، ووزنه فاعول من الطُّغيان كقولهم» حانوت «، و» تابوت «، والتاء فيهما مبدلة من» هَا «التأنيث.
قال مكي «وقد يجُوز أن يكون أصلُ لامه واواً، فيكون أصله طغووتاً؛ لأنه يقال: طَغَى يَطْغى ويَطْغو، وطَغَيْتُ وطَغَوْتُ، ومثله في القلب والاعتلال، والوزن: حانوت؛ لأَنَّه من حَنا يحنو وأصله حَنَووت، ثم قُلِب وأُعِلَّ، ولا يجوزُ أن يكونَ من: حانَ يَحِين لقولهم في الجمعِ حَوانيت» انتهى قال شهاب الدين: كأنَّه لمَّا رأى أنَّ الواوَ قد تُبْدَل تاءً كما في تُجاه، وتُخَمَة، وتُراث، وتُكَأة، ادَّعى قَلْبَ الواوِ التي هي لامٌ تاءً، وهذا ليس بشيءٍ.
وقدَّم ذِكْرَ الكفر بالطَّاغوت على ذِكْرِ الإِيمان باللهِ - تعالى - اهتماماً بوجوبِ الكفرِ بالطَّاغوتِ، وناسبَهَ اتصالُهُ بلفظ «الغَيّ» .
فصل في المراد بالطاغوت
واختلف في الطَّاغوت فقال عمر، ومجاهدٌ، وقتادة: هو الشَّيطان.
وقال سعيد بن جبير: هو الكاهن. وقال أبو العالية: هو الساحر. وقال بعضهم: الأَصنام.