فإن قيل: قد تقدَّم شيئان، وهما «طَعَامِكَ وشَرَابِكَ» ولم يعد الضَّمير إلَاّ مفرفاً، قلنا فيه ثلاثة أوجهٍ:
أحدهما: أنها لمَّا كانا متلازمين، بمعنى أنَّ أحدهما لا يكتفى به بدون الآخر، صارا بمنزلة شيء واحد؛ حتى كأنه [قال:] فانظر إلى غذائك.
الثاني: أنَّ الضمير يعود إلى الشَّراب فقط؛ لأنه أقرب مذكور، وثمَّ جملة أخرى حذفت لدلالة هذه عليها. والتقدير: وانظر إلى طعامك لم يتسنَّه، وإلى شرابك لم يتسنَّه، وقرأ ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - «فانْظُرْ إِلى طَعَامِكَ وهذا شَرابُك لم يتسنه» ، أو يكون سكت عن تغيُّر الطعام؛ تنبيهاً بالأدنى على الأعلى، وذلك أنه إذا لم يتغيَّر الشراب مع نزعة النَّفس إليه، فعدم تغيُّر الطعام أولى، قال معناه أبو البقاء.
الثالث: أنه أفرد في موضع التثنية، قاله - أيضاً - أبو البقاء؛ وأنشد:[الكامل]
أحدهما: أن تكون - أيضاً - للسكت، وإنما أُثبتت وصلاً إِجراءً للوصل مجرى الوقف، وهو في القرآن كثيرٌ، [سيمرُّ بك منه مواضع] فعلى هذا يكون أصل الكلمة: إِمَّا مشتقاً من لفظ «السَّنَةِ» على قولنا إِنَّ لامَها المحذوفة واوٌ، ولذلك تُرَدُّ في التصغير والجمع؛ قالوا:«سُنَيَّة وَسَنَوات» ؛ وعلى هذه اللغة قالوا:«سَانَيْتُ» أُبْدِلَتِ الواو ياءً؛ لوقوعها رابعةً، وقالوا: أَسْنَتَ القومُ إذا أصابتهُمُ السَّنَةُ؛ قال الشاعر:[الكامل]