قال القرطبي: الجنة هي البستان، وهي قطعة أرض تنبت فيها الأشجار، حتى تغطيها، مأخوذة من لفظ الجن والجنين، لاستتارهم.
قوله:" بربوة " في محل جر؛ لأنه صفة لجنة. والباء ظرفية بمعنى " في "، أي: جنة كائنة في ربوة. والربوة: أرض مرتفعة طيبة، قاله الخليل. وهي مشتقة من: ربا يربو، أي: ارتفع، وتفسير السدي لها بما انخفض من الأرض ليس بشيء. ويقال ربوة ورباوة، بتثليث الراء فيهما، ويقال - أيضا - رابية، قال القائل:[الطويل] ١٢٢١ -
(وغيث من الوسمي حو تلاعه ... أجابت روابيه النجاء هواطله)
وقرأ ابن عامر، وعاصم:" ربوة " بالفتح، والباقون: بالضم، قال الأخفش:" ونختار الضم؛ لأنه لا يكاد يسمع في الجمع إلا الربا " يعني فدل ذلك على أن المفرد مضموم الفاء، نحو برمة، وبرم، وصورة، وصور. وقرأ ابن عباس:" ربوة " بالكسر، [والأشهب] العقيلي: " رباوة "، مثل رسالة، وأبو جعفر:" رباوة " مثل كراهة، وقد تقدم أن هذه لغات.
(فصل)
تقدم أن الربوة: هي المرتفع من الأرض، ومنه الرابية، لأن أجزاءها ارتفعت ومنه الربو إذا أصابه نفس في جوفه زائد، ومنه الربا؛ لأنه الزيادة قال المفسرون: إن البستان إذا كان في ربوة من الأرض، كان أحسن، وأكثر ريعا.
قال ابن الخطيب: وفيه إشكال: وهو أن البستان إذا كان في موضع مرتفع من الأرض، فلا ترتفع إليه الأنهار، وتضر به الرياح كثيرا؛ فلا يحسن ريعه وإذا كان في وهدة من الأرض، انصبت إليه مياه الأنهار، ولا يصل إليه إثارة الرياح، فلا يحسن أيضا ريعه فإذن البستان إنما يحسن ريعه إذا كان على الأرض المستوية التي لا تكون ربوة، ولا وهدة فإذن ليس المراد من هذه الربوة، ما ذكروه، بل المراد منه كون الأرض طينا حرا بحيث إذا نزل المطر عليها، انتفخ وربا ونما، فإن الأرض متى كانت بهذه الصفة يكثر ريعها، وتكمل أشجارها، ويؤيد هذا التأويل قوله تبارك وتعالى {وترى الأرض هامدة فإذا