للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

التي في رأس مال السلم، فأن يكون معلوم الجنس، معلوم المقدار، وأن يكون نقداً.

قوله: {فاكتبوه} الضَّمير يعود على «بِدَيْنٍ» .

فصل

أمر الله تعالى في المداينة بأمرين:

أحدهما: الكتابة بقوله: {فاكتبوه} .

الثاني: الإشهاد. بقوله: {واستشهدوا شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ} ، وفائدة الكتابة والإشهاد أنَّ دخول الأجل تتأخّر فيه المطالبة، ويتخلَّله النِّسيان ويدخله الجحد، فالكتابة سبب لحفظ المال من الجانبين، لأنَّ صاحب الدّين إذا علم أنَّ حقّه مقيّد بالكتابة، والإشهاد تحذر من طلب زيادة، ومن تقديم المطالبة قبل حلول الأجل، والمديون يحذر من الجحد، ويأخذ قبل حلول الدّين في تحصيل المال ليتمكن من أدائه وقت الحلول.

فصل

القائلون بأن ظاهر الأمر النَّدب، لا إشكال عليهم، واختلف القائلون بأن ظاهر الأمر الوجوب، فقال عطاء، وابن جريج والنَّخعي بوجوب الكتابة، وهو اختيار محمد بن جرير الطَّبري، قال النَّخعي: يشهد، ولو على دُسْتَجةِ بَقْلٍ.

وقال جمهور الفقهاء: هذا أمر ندب؛ لأنّا نرى جمهور المسلمين في جميع ديار المسلمين يبيعون بالأثمان المؤجَّلة من غير كتابة، ولا إشهاد، وذلك إجماعٌ على عدم وجوبها، ولأنَّ في إيجابها حرجٌ شديدٌ، ومشقَّة عظيمةٌ. وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي الدين مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] .

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «بُعِثْتُ بالحنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ السَّمْحَةِ» .

وقال الحسن، والشَّعبيُّ، والحكم بن عتيبة: كانا واجبين ثمّ نسخا بقوله: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الذي اؤتمن أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣] .

وقال التيمي: سألت الحسن عنها فقال: إن شاء أشهد، وإن شاء لم يشهد، ألا تسمع قوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً} [البقرة: ٢٨٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>