للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عن الامتناع من الكتابة على سبيل الإطلاق، ثم أمر بها مقيّدةً» . فيكون التقدير: فلا يأب كاتبٌ أن يكتب، وها هنا تمَّ الكلام، ثم قال بعده: {كَمَا عَلَّمَهُ الله فَلْيَكْتُبْ} ، فيكون الأول أمراً بالكتابة مطلقاً، ثم أردفه بالأمر بالكتابة التي علمه الله إيَّاها.

ويجوز أن تكون متعلقةً بقوله: لا يأب، وتكون الكاف حينئذٍ للتعليل. قال ابن عطيّة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «ويحتمل أن يكون» كما «متعلّقاً بما في قوله» ولا يأْبَ «من المعنى، أي: كما أنعم الله عليه بعلم الكتابة، فلا يأب هو، وليفضل كما أفضل عليه» . قال أبو حيَّان: «وهو خلاف الظاهر، وتكون الكاف في هذا القول للتعليل» قال شهاب الدين رَحِمَهُ اللَّهُ: وعلى القول بكونها متعلقةً بقوله: «فليكتب» يجوز أن تكون للتعليل أيضاً، أي: فلأجل ما علَّمه الله فليكتب.

وقرأ العامة: «فَلْيَكْتُبْ» بتسكين اللام كقوله: «كَتْف» في كتِف، إجراءً للمنفصل مجرى المتّصل. وقد قرأ الحسن بكسرها وهو الأصل.

قوله: «ولْيُمْلِل» أمرٌ من أملَّ يملُّ، فلمَّا سكن الثاني جزماً جرى فيه لغتان: الفكُّ وهو لغة الحجاز وبني أسد، والإدغام وهو لغة تميم، وقيس، ونزل القرآن باللُّغتين.

قال تعالى في اللغة الثانية: {فَهِيَ تملى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان: ٥] وكذا إذا سكن وقفاً نحو: أملل عليه وأملَّ، وهذا مطَّرد في كل مضاعفٍ، وسيأتي تحقيق هذا إن شاء الله تعالى عند قراءتَيْ: «مَنْ يَرْتَدِدْ، ويرتدَّ» .

وقرئ هنا شاذّاً: «وَلْيُمِلَّ» بالإدغام، ويقال: أملَّ يملُّ إملالاً، وأملى، يملي إملاءً؛ ومن الأولى قوله: [الطويل]

١٢٧٩ - أَلَا يَا دِيَارَ الحَيِّ بِالسَّبُعَانِ ... أَمَلَّ عَلَيْهَا بِالبِلَى المَلَوانِ

ويقال: أمللت وأمليت، فقيل: هما لغتان، وقيل: الياء بدلٌ من أحد المثلين، وأصل المادتين: الإعادة مرة بعد أخرى.

و «الحَقُّ» يجوز أن يكون مبتدأٌ، و «عَلَيْهِ» خبر مقدمٌ، ويجوز أن يكون فاعلاً بالجارِّ قبله لاعتماده على الموصول، والموصول هو فاعل «يُمْلِل» ومفعوله محذوف،

<<  <  ج: ص:  >  >>