١٢٩٦ - فَلَمَّا خَشِيتُ أَظَافِيرَهُمْ ... نَجَوْتُ وَأَرْهَنْتُهُمْ مَالِكاً
وأنكر الأصمعيُّ هذه الرِّواية، وقال إِنَّما الرَّواية: «وَأَرْهَنُهُمْ مَالِكَا» والواو للحال؛ كقولهم: «قَمْتُ وأَصُكُّ عَيْنَهُ» وهو على إضمار مبتدأ.
وقيل: أرْهَنَ في السِّلعة إذا غالى فيها حتّى أخذها بكثير الثَّمن، ومنه قوله: [البسيط]
١٢٩٧ - يَطْوِي ابنُ سَلْمَى بِهَا مِنْ رَاكِبٍ بُعْداً ... عِيديَّةً أُرْهِنَتْ فِيهَا الدَّنَايِيرُ
ويقال: رَهنتُ لساني بكذا، ولا يُقال فيه «أَرْهَنْتُ» ثم أُطْلق الرَّهنُ على المرهون من باب إطلاق المصدرِ على اسم المفعول كقوله تعالى: {هذا خَلْقُ الله} [لقمان: ١١] ، و «درهَمٌ ضَرْبُ الأَمِير» ، فإذا قلت: «رَهَنْتُ زيداً ثوباً رَهْناً» فرهناً هنا مصدرٌ فقط، وإذا قلت «رهنْتُ زيداً رَهْناً» فهو هنا مفعولٌ به؛ لأن المراد به المرهونُ، ويُحتملُ أن يكونَ هنا «رَهْناً» مصدراً مؤكداً أيضاً، ولم يذكرِ المفعول الثَّاني اقتصاراً كقوله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ} [الضحى: ٤] .
و «رَهْن» مِمَّا استغني فيه بجمعِ كثرته عن جمع قلَّته، وذلك أنَّ قياسه في القلةِ أفعل كفلس، وأفلسُ، فاستُغنيَ برَهن ورِهان عن أرَهنُ.
وأصل الرَّهن: الثُّبوت والاستقرارُ يقال: رهن الشَّيءُ، فهو راهنٌ إذا دام واستقر، ونعمةٌ راهنةٌ، أي: دائمة ثابتة، وأنشد ابن السَِّكِّيت: [البسيط]
١٢٩٨ - لَا يَسَفِيقُونَ مِنْهَا وَهْيَ رَاهِنَةٌ ... إِلَاّ بهَاتِ وَإِنْ نَهِلُوا
ويقال: «طَعَامٌ رَاهِنٌ» أي: مُقيمٌ دائمٌ؛ قال: [البسيط]
١٢٩٩ - الخُبْزُ واللَّحْمُ لَهُمْ رَاهِنٌ..... ... ... ... ... ... ... ...
أي: دائمٌ مستقرٌّ، ومنه سُمِّي المرهونُ «رَهْناً» لدوامِه واستقراره عند المُرتهِن.
فصل في إثبات الرهن في الحضر والسفر
جمهورُ الفُقهاء على أَنَّ الرهن في الحضرِ، والسَّفر سواءٌ، وفي حال وجود الكاتب، وعدمهِ، وذهب مجاهِدٌ: إلى أَنَّ الرهنَ لا يجوزُ إِلَاّ في السقر؛ لظاهر الآية، ولا عمل عليه، وإِنَّما قيدت الآيةُ بالسفر؛ لأَنَّ الغالبَ في السفرِ عدمُ الكاتِب؛ فهو