للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كقوله: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصلاة إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: ١٠١] وليس الخوفُ من شرط جواز القصرِ؛ ويدلُّ عليه ما رُوِيَ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ رهن دِرْعَهُ عند أَبِي الشَّحم اليهوديِّ ولم يكن ذلك في سفرٍ.

قوله: {فَإِنْ أَمِنَ} قرأ أُبي فيما نقله عنه الزَّمخشريُّ «أُومِنَط مبنيّاً للمفعول، قال الزَّمخشريُّ: أي:» أَمِنَه الناسُ وَوَصَفُوا المَدْيُونَ بالأمانةِ والوفاءِ «قلت: وعلامَ تنتصبُ بَعْضاً؟ والظاهرُ نصبه بإسقاطِ الخافض على حذف مضافٍ، أي: فإن أُومِنَ بعضُكم على متاعٍ بعضٍ، أو على دينِ بعضٍ.

وفي حرف أُبيّ:» فَإِن اؤْتُمِنَ «يعني: وإن كان الذي عليه الحقُّ أَمِيناً عند صاحب الحقِّ؛ فلم يرتهن منه شيئاً؛ لحسن ظنه به.

قوله: {فَلْيُؤَدِّ الذي اؤتمن أَمَانَتَهُ} إذا وُقِفَ على الَّذِي، وابتُدىءَ بما بعدها قيل:» اوتُمِنَ «بهمزةٍ مضمومةٍ، بعدها واوٌ ساكنةٌ، وذلك لأنَّ أصله اؤْتُمِنَ؛ مثل اقتُدر بهمزتين: الأُولى للوصل، والثَّانية فاءُ الكلمة، ووقعت الثانيةُ ساكنةً بعد أُخرى مثلها مضمومةً؛ فوجب قَلْبُ الثانية لمُجانس حركة الأُولى، فقلت: اوتُمِنَ؛ فأمَّا في الدَّرج، فتذهبُ همزةُ الوصل؛ فتعودُ الهمزةُ إلى حالها؛ لزوالِ موجب قلبها واواً، بل تُقلبُ ياءً صريحةً في الوصلِ؛ في رواية ورشٍ.

ورُوي عن عاصم:» الَّذِي اؤْتُمِنَ «برفع الأَلف ويُشير بالضَّمَّةِ إلى الهمزةِ، قال ابن مجاهدٍ:» وهذه الترجمةُ غلطٌ «ورَوَى سليم عن حمزة إشمامَ الهمزةِ الضَّمَّ، وفي الإِشارة، والإِشمام المذكُورَين نظرٌ.

وقرأ عاصمٌ أيضاً في شاذِّه: «الَّذِي اتُّمِنَ» بإِدغام الياء المبدلة من الهمزة في تاءِ الافتعال، قال الزمخشريُّ: قياساً على: «اتَّسَرَ» في الافتعال من اليُسْر، وليس بصحيح؛ لأَنَّ الياءَ منقلبةٌ عن الهمزةِ، فهي في حُكمِ الهمزةِ، واتَّزر عامِّيٌّ، وكذلك «رُيَّا» في «رُؤْيَا» .

قال أبو حيَّان: وَمَا ذَكَرهُ الزمخشريُّ فيه: أَنَّهُ ليس بصحيح، وأَنَّ «اتَّزَرَ» عامِّيٌّ - يعني أنه مِنْ إِحداث العامَّةِ لا أصلَ له في اللغة - قد ذكره غيره أنَّ بعضهم أَبدلَ، وأدْغَمَ: «اتَّمَنَ واتَّزَرَ» وأنَّ لغةٌ رديئةٌ، وكذلك «رُيَّا» في رُؤْيَا، فهذا التشبيهُ إمَّا أَنْ يعودَ على قوله: «واتَّزَرَ عَامِّيٌّ» ، فيكون إدغام «رُيَّا» عَامِّيًّا، وإمَّا أن يعود إلى قوله «فَلَيْسَ بِصَحِيح»

<<  <  ج: ص:  >  >>