ذلك لَمَيِّتُونَ} [المؤمنون: ١٥] ، وهم كانوا يتيقنون الموت، فلا حاجة إلى التأكيد، فكانوا ينكرون البعث فكانت الحاجة لدخول» اللام «على البعث أشد ليفيد التأكيد.
فكان ذكر هذه السبع مراتب في خلق الإنسان أبلغُ في التأكيد من دخول» اللام «على خبر» إن «، وهي تنصب الاسم، وترفع الخبر خلافاً للكوفيين بأن رفعه بما كان قبل دخولها.
وتقرير الأول أنها لما صارت عاملة فإما أن ترفع المبتدأ أو الخبر معاً، وتنصبهما معاً، أو ترفع المبتدأ وتنصب الخبر أو بالعكس والأول باطل؛ لأنهما كانا مرفوعين قبل دخولهما، فلم يظهر للعمل أثر البتة، ولأنها أعطيت عمل الفعل، والفعل لا يرفع الاسمين، فلا معنى للاشتراك، والفرع لا يكون أقوى من الأصل.
والثاني - أيضاً - باطل، لأنه مخالف لعمل الفِعْل، لأن الفعل لا ينصب شيئاً مع خُلوه عما يرفعه.
والثالث - أيضاً - باطل لأنه يؤدي إلى التسوية بين الأصل والفرع؛ لن الفعل يعمل في الفاعل أولاً بالرفع؛ ثم في المفعول بالنصب، فلو جعل الحرف هاهنا كذلك لحصلت التسوية بين الأصل والفرع.
ولما بطلت الأقسام الثلاثة تعيّن الرابع، وهي أنها تنصب الاسم، وترفع الخبر، وهذا مما ينبّه على أن هذه الحروف لَيْسَتْ أصلية في العمل؛ لأنّ تقديم المنصوب على المرفوع في باب الفعل عدول عن الأصل.
وتخفّف «إن» فتعمل وتهمل، ويجوز فيها أن تباشر الأفعال، لكن النواسخ غالباً تختص بدخول «لام» الابتداء في خبرها، أو معمولة المقدم عليها، أو اسمها المؤخّر، ولا يتقدم خبرها إلا ظرفاً أو مجروراً، وتختص - أيضاً - بالعَطْفِ على محل اسمها، ولها ولأخواتها أحكام كثيرة.
و «الذين» اسمها و «كفروا» صلة وعائد، و «لا يؤمنون» خبرها، وما بينهما اعتراض، و «سواء» مبتدأ، و «أنذرتهم» وما بعده في قوة التًَّأويل بمفرد هو الخبر، والتقدير: سواء عليهم الإنذار وعدمه، ولم يحتج هنا إلى رَابِطٍ؛ لأنّ الجملة نفس المبتدأ، ويجوز أن يكون «سواء» خبراً مقدماً، و «أنذرتهم» بالتأويل المذكور مبتدأ مؤخر تقديره: الإنذار وعدمه سواء.