للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا المعقول فهو أن الأصل في الثابت بقاؤه على ما كان، والنسخ على خلاف الأصل.

وأجيبوا بأن هذا منسوخ بقوله - «تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا» وقوله: «لا رَهْبَانِيَّةَ فِي الإسلامِ» . وقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «النِّكَاحُ سُنَّتِي وَسُنَّةُ الأنبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، فَمَنْ رَغِبَ عَن سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» .

وقولهم: النسخ على خلاف الأصل.

قلنا: مسلم إذا لم يُعْلَم الناسخُ، وقد علمناه.

قوله: {وَنَبِيًّا} اعلم أن السيادةَ إشارة إلى أمرين:

أحدهما: القدرة على ضبط مصالح الخَلْق فيما يرجع إلى تعليمِ الدين.

والثاني: ضبط مصالحهم في تأديبهم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

والحصور إشارة إلى الزهد التام، فلما اجتمعا حصلت النبوة؛ لأنه ليس بعدهما إلا النبوة.

قوله: {مِّنَ الصالحين} صفة لقوله: {وَنَبِيّاً} فهو في محل نصب، وفي معناه ثلاثة أوجهٍ:

الأول: معناه من أولاد الصالحين.

الثاني: أنه خَيِّر - كما يقال للرجل الخَيِّر: إنه من الصالحين.

الثالث: أن صلاحه كان أتمَّ من صلاح سائر الأنبياء؛ لقوله - عليه السلام -: «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَاّ عَصَى وَهَمّ بِمَعْصِيَةٍ إلَاّ يحيَى بن زكريا، فإنه لم يَعْصِ ولم يَهِمَّ بمعصيةٍ» .

فإن قيل: إن كان منصب النبوة أعلى من منصب الصلاح، فما الفائدة في ذكر منصب الصلاح بعد ذكر النبوة؟

فالجواب: أن سليمان - بعد حصول النبوة - قال: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين} [النمل: ١٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>