للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فيه، وآذَوْهُ إلى أن برأه اللهُ مما قالوا، ولم يقدح ذلك في وجاهته، فكذا هنا.

قوله: {وَمِنَ المُقَرَّبِينَ} قيل «كان هذا مَدْحاً عظيماً للملائكة؛ لأنه ألْحَقَه بمثل مَنْزِلَتِهِمْ، وهو دليل لمن جعل الملائكة أفضل.

وقيل: معناه: سيُرْفَع إلى السماء بمصاحبة الْمَلَائِكَةِ.

وقيل: ليس كل وجيه في الآخرة يكون مُقَرَّباً؛ لأن أهل الجنة تتفاوت درجاتُهم.

وقوله: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ} الواو للعطف على قوله: «وَجِيهًا» ، والتقدير: وجيهاً ومُكَلَّماً.

قال ابن الخطيب: وهذا عندي ضعيفٌ؛ لأن عطف الجملة الفعلية على الاسمية غير جائز إلا لضرورة [أو لفائدة] ، والأوْلَى أن يُقال: تقدير الآيةِ: إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم، الوجيه في الدنيا والآخرة، المعدود من المقرَّبِينَ، وهذا المجموع جملة واحدة، ثم قال: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ} . فقوله: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ} عطف على قوله: {إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ} .

وأجيب بأن هذا خطأ؛ لأنه إن أراد العطف على جملة {إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ} فهي جملة اسمية فقد عطف الفعلية على الاسمية، فوقع فيما فَرَّ منه. وإن أراد العطفَ على «يُبَشِّرُكِ» فهو خطأ؛ لأن المعطوف على الخبر خبر - و «يُبَشِّرُكِ» خبر - فيصير التقدير: إن الله يكلم الناسَ في المهدِ، والصواب ما قالوه من كونه حالاً، وأن الجملة الحالية إذا كانت فعلاً فهي مقدرة بالاسم، فجاز العطف.

قوله: {فِي المهد} يجوز فيه وَجْهَان:

أظهرهما: أنه متعلق بمحذوف؛ على أنه حال من الضمير في {وَيُكَلِّمُ} أي: يكلمهم صَغِيراً، و «كَهْلاً» على هذا نسق على هذه الحال المؤوَّلة فعلى هذا تكون خمسة أحوال.

والثاني: أنه ظرف ل «يُكَلِّمُ» كسائر المنفصلات، و «كَهلاً» على هذا نَسَق على «وَجِيهاً» فعلى هذا يكون خَمْسَةَ أحْوَالٍ.

والكهل: هو مَنْ بلغ سِنَّ الكُهُولة، وأولها ثلاثون.

وقيل: اثنان وثلاثون.

وقيل: ثلاث وثلاثون.

وقيل: أربعون. وآخرها: خمسون.

وقيل: ستون. ثم يدخل في سن الشَّيْخُوخَةِ. واشتقاقه من: اكتهل النبات - إذا علا وارتفع - ومنه الكاهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>