للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

خفض قوله: قدير؛ لأنه عطف على ما يمكن في قوله: منضج؛ لأنه أمكن أن يكون مضافاً إلى الصفيف، فحملَه على ذلك، فإتيانه بهذا البيت نظير إتيان الزمخشريِّ بهذه الآيةِ الكريمةِ والبيت المتقدميْن؛ لأنه جر «قدير» - هنا - على التوهُّم، كأنه توهَّم إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله؛ تخفيفاً، فَجرَّ على التوهُّم كما توهم الآخر وجود الباء في قوله: ليسوا مصلحين؛ لأنها كثيراً ما تزاد في خبر «ليس» .

فإن قيل: إذا كان تقدير الآية: كيف يهدي اللهُ قوماً كفروا بعد الإيمانِ وبعد الشهادةِ بأن الرسول حق، وبعد أن جاءَهم البيِّنات، فعطف الشهادة بأن الرسول حَقٌّ يقتضي أنه مغاير للإيمان.

فالجواب: أن الإيمان هو التصديق بالقلب، والشهادة هي الإقرار باللسان، فهما متغايران.

وقوله: «أن الرسول» الجمهور على أنه وَصْف بمعنى المُرْسَل، وقيل: هو بمعنى الرسالةِ، فيكون مصدراً، وقد تقدم.

فصل

في سبب النزول أقوالٌ:

الأول: قال ابنُ عباسٍ: نزلت في عشرة رهط، كانوا آمنوا، ثم ارتدُّوا، ولَحِقُوا بمكةَ، ثم اخذوا يتربصون به ريب المنون، فأنزل اللهُ فيهم هذه الآيةَ، وكان منهم مَنْ آمن، فاستثنى التائبَ منهم بقوله:

{إِلَاّ الذين تَابُواْ} [البقرة: ١٦٠] .

الثاني: رُوِيَ - أيضاً - عن ابن عباسٍ أنها نزلت في يهود قُرَيْظَةَ والنضير، ومن دان بدينهم، كفروا بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعد أن كانوا مؤمنين به قبل بَعْثه، وكانوا يشهدون له بالنبوةِ، فلما بُعثَ، وجاءهم بالبينات والمعجزات كفروا بَغياً وَحَسَداً.

الثالث: نزلت في الحرث بن سُوَيْد الأنصاري حين ندم على رِدَّته، فأرسل إلى قومه أن سَلُوا: هل لي من توبة؟ فأرسل إليه اخوه بالآية، فأقبل إلى المدينة، وتاب، وقبل الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ توبته. قال القفال: للناس في هذه الآية قولان:

<<  <  ج: ص:  >  >>