للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وروي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «خَيْرُكم قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قال عمران بن حصين: لا أدري، أذَكَر النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعد قرنه قرنين أم ثلاثة؟ - ثم إن بعدكم قوماً يخونون ولا يُؤتَمَنُون، ويَشهدون ولا يُستشهَدون، ويَنْذِرون ولا يُوفون، ويظهر فيهم السمن» .

فصل

قال القفال: أصل الأمة: الطائفة المجتمعة على الشيء الواحد، فأمة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، هم الجماعة الموصوفون بالإيمان به، والإقرار بنبوته، وقد يُقال - لكل من جمعته الدعوة - إنهم أمته، إلا أن لفظ: «الأمة» إذا أطْلِقَت وَحْدَها، وقع على الأول، إلا أنه إذا قيل: أجمعت الأمة على كذا، فهم منه الأول، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «أمَّتِي لا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلالَةٍ» وروي أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول - يوم القيامة -: «أمتي، أمَّتِي» ، فلفظ «الأمة» في هذه المواضع وأشباهها - يُفْهَم منه المُقِرُّون بنبوته، فأما أهل دعوته فإنهم إنما يُقال لهم: أمَّة الدعوة، ولا يطلق عليهم لفظ «الأمة» إلا بهذا الشرط.

فصل

احتج بعض العلماء بهذه الآية على أن إجماعَ الأمة حجة من وجهين:

الأول: أنه - تعالى - قال: {وَمِن قَوْمِ موسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بالحق وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: ١٥٩] ثم قال - في هذه الآية: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} ، فوجب أن تكون - بحكم هذه الآية - هذه الأمة أفضل من تلك الأمة، الذين يهدون بالحق من قوم موسى، وإذا كان كذلك وجب أن تكون هذه الأمة لا تحكم إلا بالحق، إذْ لو جاز - في هذه الأمة - أن تحكم بما ليس بحَقٍّ، لامتنع كونهم أفضل من الأمة التي تهدي بالحق؛ لأن المبطل لا يكون خيراً من الحَقِّ، وإذا ثبت أن هذه الأمة لا تحكم إلا بالحق كان إجماعهم حجة.

الثاني: أن الألف واللام في لفظ: «املعروف» ، و «المنكر» ، يفيدان الاستقرار، وهذا يقتضي كونهم آمرين بكل معروف، وناهين عن كل منكرٍ، ومتى كانوا كذلك كان إجماعهم حقًّا، وصدقاً - لا محالة - فكان حُجَّةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>