تعالى:
{وَقَدِمْنَآ
إلى
مَا
عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً} [الفرقان: ٢٣] .
وقد يمكن أن يجاب عنه بأنه إن كان المراد بالذين كفروا: أهل الكتاب، فقد كانت لهم أعمال بر قبل بعثة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وإن كان المراد: المشركين، فلا يُحْكَم عليهم إلا بعد البعثة، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: ١٥] .
ويجوز في «ما» أن تكون موصولة اسمية، وعائدها محذوف - أي: مثل ما ينفقونه - وأن تكون ما مصدرية، وحينئذ يكون قد شبه إنفاقهم - في عدم نفعه - بالريح الموصوفة بهذه الصفة، وهو من باب تشبيه المعقول بالمحسوس.
فصل
اختلفوا في هذا الإنفاق - هاهنا - فقيل: هو جميع أعمالهم التي يرجون الانتفاع بها في الآخرة، قال تعالى: {لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] والمراد به: جميع أعمال الخير.
وقيل: المراد به: إنفاق الأموال، للآية المتقدمة.
فصل
وقيل: المراد به: إنفاق الأموال، للآية المتقدمة.
فصل
اختلفوا هل المراد - بهذه الآية - جميع الكفار، أو بعضهم؟ .
فقيل: جميع الكفار؛ وذلك لأن إنفاقهم إن كان لمنافع الدنيا، لم يبق له أثر في الآخرة في حق المسلم فضلاً عن الكافر، وإن كان لمنافع الآخرة - كبناء الرباطات، والقناطر، والإحسان إلى الضعفاء والأيتام والأرامل، ووجوه البر - يرجو بذلك الإنفاق خيراً، لم ينتفع به في الآخرة؛ لأن كفره يبطله، فكان كمن زرع زرعاً، وتوقع منه تقطعاً كثيراً، فأصابته الريح، فأحرقته، فلا يبقى معه غير الأسف والحزن، قال تعالى: {وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً} [الفرقان: ٢٣] .
وقيل: المراد: بعض الكفار.
فقيل: أراد نفقات أبي سفيان، وأصحابه يوم بدر وأحُد - على عداوة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وقال مقاتل: أراد نفقات اليهود على علمائهم؛ لأجل التحريف.
وقيل: إن المنافقين كانوا يُنفقون أموالَهم في سبيلِ الله، لكن على سبيل التَّقِيَّة، والخوف من المسلمين، مداراةً لهم.