للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {فِيهَا صِرٌّ} في محل جر، نعتاً ل «ريح» ، ويجوز أن يكون {فِيهَا صِرٌّ} : جملة من مبتدأ وخبر، ويجوز أن يكون «فيها» - وحده - هو الصفة، و «صِرٌّ» فاعل له - وجاز ذلك؛ لاعتماد الجار على الموصوف - وهذا أحسن؛ لأن الأصل في الأوصاف: الإفراد، وهذا قريب منه.

والصِّرّ: قال ابْنُ عبَّاسٍ، وقَتَادَةُ، والسُّدِّيُّ، وابْنُ زَيْدٍ، وأكثر أهل اللغة: إنه البرد الشديد، المحْرِق.

قال الشاعر: [البسيط]

١٥٧٨ - لا تَعْدِلِينَ أتَاوِيِّينَ تَضْربُهُمْ ... نَكْبَاءُ صِرٌّ بِأصْحَابِ الْمُحِلَاّتِ

وقيل: الصِّرُّ بمعنى: الصرصر - وهو البرد -.

قالت ليلى الأخيلية: [الطويل]

١٥٧٩ - وَلَمْ يَغْلِبِ الْخَصْمَ الألَدَّ وَيَمْلأ الْ ... جِفَانَ سَرِيعاً يَوْمَ نَكْبَاءَ صَرْصَرِ

مأخوذ من الشد والتعقيد، ومنه الصُّرَّة - للعُقْدة - وأصَرَّ على كذا: لَزِمَه.

وقال أبُو بَكْرٍ الأصَمُّ، وابْنُ الأنْبَارِي: هي السَّمُومُ الحَارَّة.

وقال الزجاج: الصَّرْصَر: صوت لهيب النار - في الريح - من صَرَّ الشيءُ، يَصِرُّ، صَريراً - أي: صَوَّت بهذا الحِسِّ المعروف، ومنه صرير الباب، والصرة: الصيحة، قال تعالى: {فَأَقْبَلَتِ امرأته فِي صَرَّةٍ} [الذاريات: ٢٩] .

وروى ابْنُ الأنْبَارِيِّ - بإسناده - عن ابْنِ عَبَّاسٍ، في قوله: {فِيهَا صِرٌّ} قال: فيها نار. وعلى القولين، فالمقصود من التشبيه حاصل؛ لأنه - سواء كان بَرْداً مُهْلِكاً، أو حَرًّا مُحْرِقاً - يبطل الحرث والزرع، وإذا عُرِف هذا، فإن قلنا: الصِّرّ: البَرْد الشديد، أو هو صوت النار، أو هو صوت الريح، فَظَرْفِيَّة الريح له واضحة، وإن كان الصِّرُّ صفة الريح - كالصرصر - فالمعنى: فيها قِرَّة صر - كما تقول: برد بارد - وحُذِفَ الوصوف،

<<  <  ج: ص:  >  >>